الثلاثاء، 18 مارس 2014

النفاق الليبرالي معطّل للتنمية

النفاق الليبرالي معطّل للتنمية
29-03-1434 12:35

محمد عبد الله الهويمل :


دخل الليبرالي السعودي الساحة والفكر السعودي بهدف إصلاحي بحت بحسب شعاراته . والإصلاح في أجندته المفترضة يمتد إلى كل الحقول الحيوية المتفاعلة مع الإنسان وكرامته وحاجاته. ودأب الليبرالي على نحو نشط في كشف جانب الهوية الإصلاحية والوطنية لديه.
لكن الليبرالية انقسمت على نفسها على نحو غير معلن على غير مثال الإسلاميين الذين – لكثرتهم وتنوعهم – أشهروا انقساماتهم التي بدت كانقسامات الأغصان في الشجرة العملاقة . وكلٌّ يرى أنه من يمثل مصلحة الدين والأمة ومشروع المجتمع المثالي, وربما للدواعي ذاتها حدث انقسام الليبراليين ,لكن دون أدنى إثارة, يصادق على هذا عدم برزوها في إعلامهم أو إعلام الآخرين خصوماً كانوا أو محايدين.المصلحة الليبرالية كالمصلحة الإسلامية – لا أقصد المصلحة الشخصية – أخذت مداها في النظرية والتطبيق وفق الممكن في ظل همينة سياسية في تحكم , وربما تختلف مع رموزهما في آلية التغيير ,وفي حال الاختلاف الحاد ترجح كفة السياسية ,لأنه راعى المصلحة العليا بحسب التعريف النظامي والطبيعي والتلقائي الشعبي.


الليبرالي بحسب أيديولوجيته الإصلاحية خدماتي, تمس حماسته المنظومة الوطنية المتكاملة , ويأتي في طليعتها الفكري والاقتصادي ,وارتباطهما بقضايا التطرف الديني والفساد المالي.
بعد انقسامات الليبراليين نضجت الحالة الليبرالية إلى تمظهرين: ليبرالية متصادمة مع السياسي والديني ,وسجلت مواقف حادة وعلنية انتهت بها إلى السجن أو الظل, وليبرالية مرنة مع السياسي وأقل مرونة مع الديني الرسمي ,وكان هدفها توسيع مساحة أكبر قريباً من القرار السياسي وأقل مع الممكن الديني . والتعامل مع الديني الرسمي بوصفه جزءا من نظام سياسي شامل لا بوصفه ممثلاً لدين وفكر جدير بالتمثل يمكن التفاهم معه لتحقيق مشتركات ,إذ التفاهم مع الديني- بحسب الليبرالي – شاق وغير مجدٍ على خلاف السياسي.الليبرالي ومشروعه ارتبطا بالتنمية مباشرة, ودأبت مناشطه النظرية لتحقيق الرفاه والنمو الاقتصادي كعلامة على تحديث وإيديولوجيا التحديث التي يدفع بها الليبرالي للتحرش بالثقافة المحافظة ,وافتعال ضدية حادة بينهما دون إعطاء أي فرصة لمحاولة التوفيق بينهما ,لأن هذا التوفيق والانسجام بين الديني والتحديثي ممكن وطبيعي ما يعني زوال الليبرالية من المكون الثقافي السعودي.
ارتباط الليبرالية السعودية بالتنمية من خلال شعاراتها النارية المعلنة جعلها وفق تقدير الراصد أقرب لنجاح التنمية وفشلها ,أي أقرب للمشروع التنموي المرتبط بالمال والاقتصاد من المحافظين على الصعيد الأيديولوجي ساعة جعلوا التحديث حالة فكرية نظرية ناضجة لا إجراء نفعيا طبيعا يسعى له إنسان أي أرض.
الرابط التكاملي العضوي المصيري بين الليبرالي والتنموي جعل نجاح الأخير نجاحاً للأول ,لأنه بات راعياً نظرياً له غير أن ما يسهل تلمسه من متابعة حالة المتغير السعودي أن الليبرالي ينشط في فروع إصلاحية شتى ببسالة فذّة حتى إذا دخلت في منشط الإصلاح المالي والفساد الإداري يدخل في التعميمات بعد أن كان تفصيلياً في مجال المرأة والمساواة والتطرف, وهي قضايا حيوية لا يجامل فيها الليبرالي ,ولا يفتعل لغة خاصة بها ,ولكن ساعة تبلغ حماسه الإصلاحي إلى السياسي تتغير لغته المنافقة التي لا يحتاجها السياسي , حيث لم يطلب منه نفاقاً أو مجاملة لتسديد ثغراته ,لا سيما ما يمس الفساد المالي والإداري.


الراعي التنموي الليبرالي يمارس نفاقاً فاضحاً يعطّل الإصلاح المالي, حيث يراوغ أو يصمت أو يبرر تعديات مالية من متنفذين سببوا تعطيلاً فاضحاً للنمو الاقتصادي في البلد ,إذ يرمون بالتبعة والركود على الديني بمحرماته ضد التحديث التنموي.
بعض الليبراليين كتاباً وفضائيين مشاركون في الفساد المالي ,ومعطلون للإصلاح ومتسترون على بؤر الاختلاس تستراً إيديولوجياً ينطلق من قاعدة فن الممكن على خلاف السلفي – المتخلف بحسبهم – الذي يركن للنصيحة السرية.

ابتعاد الليبراليين عن معالجة الفساد المالي والإداري يعجل بزواله .ولا أذكر أنهم دخول في مشكلة إلا وتعقدت , بل ربما يفتعلون المشكلة ,ثم يرمونها على الرصيف دون حل لنفاقهم النظري والعملي ,لأنهم يعطلون أي حل لا يمر بمشروعهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق