الثلاثاء، 18 مارس 2014

المزيني: الحداثيون يقولون: "صدام يقذف بالحق على الباطل"

صحف محلية رفضت نشره
المزيني: الحداثيون يقولون: "صدام يقذف بالحق على الباطل"

المزيني: الحداثيون يقولون:

13-08-1434 12:03
الرياض – "المثقف الجديد":
أكد الروائي السعودي محمد المزيني لـ"المثقف الجديد" أن الحداثة سقطت مع سقوط صدام في فخ احتلال الكويت، وأنها كانت تتغذى قبل ذلك على عداء التيار الديني المحافظ لها فقط لا غير، وأنها لم تكن تمتلك أي مقومات بقاء لها.

وأضاف المزيني: "حينما نقرأ البرقية التي سطرها أساطين حداثة الثمانينات مثل محمود درويش وسليم بركات وشربل داغر وجابر عصفور وحسونة المصباحي وآخرون أثناء مشاركتهم في مهرجان المربد السادس سنة 1985 إلى صدام حسين ندرك المغزى جيداً، جاء فيها: (لقد رأينا يا سيادة الرئيس كيف تقذفون بالحق على الباطل بكلمة "لا" فإذا هو زاهق. وكيف تُشمِّرون عن سواعدكم بكلمة "نعم" لإضاءة موطن المستقبل العربي،، وليس لنا نحن الأدباء والشعراء العرب المشاركين في مهرجان المربد السادس إلا أن نتوضأ بماء النصر الذي قدْتم العراق إليه، فحملتم به عبئاً عنا وقدَّمتموه لنا هدية، هي هدية التاريخ للأجيال القادمة ضوءاً وأمثولة وفداء).

ويضيف المزيني: لذلك لن نستغرب سقوط القميص الحداثي السعودي في اللحظة التي يسقط فيها المشجب السياسي الذي كان يمجد في ذات
صدام حسين، لتتهاوى الحداثة السعودية ممثلة في أقطابها وتضمحل أسماؤهم فوراً رغم التمجيد الذاتي للماضي الجميل، متناسين معنى مهماً من المعاني الحداثية المتمثل في عصرانية المنجز والقطيعة مع التقليدي وتقديم نص مختلف.

ويرى المزيني أنه في الوقت الذي كان فيه العالم يتحدث عن نص ما بعد الحداثة غير المرتبط بقيم محددة بما يشبه الفوضى أو هي الفوضى الخلاقة، كان العبء الثقيل للحداثة السعودية مجسداً في قيم الرفض الديني القاطع لها والذي تمثله الاتجاهات الاسلامية المحرضة للجماهير لمحاربة ما أسموه بلوثة الحداثة، وهذا ما عجل بسقوطها ووأدها رغم الصيت الذي ذاع والمريدين الذين خاب أملهم في قدرة الحداثة على المواجهة والدفاع عن نفسها.

ويتابع: الحداثة الوافد الجديد الى فضائنا الأدبي السعودي مد بساطه إبان الثمانينيات من القرن الماضي كاستجابة لمتطلبات وجدانية نتيجة للواقع المنفتح على التجارب الشعرية الجديدة في العالم العربي، فكانت همزة الوصل بينها تقع على عاتق منظرين جدد كأدونيس وأمثاله، الذين يرون أن الحداثة هي تغيير الأنماط السائدة واستحداث نص مختلف ينهض على التجريب.

ويستطرد: تلقف الأدباء السعوديون والشعراء منهم على وجه التحديد هذا المعنى الأدونيسي بما يشبه القطيعة من التراث العربي المليء بنماذج تحديثية استلهمها الشعراء الآخرون كدلالات على رفض الأنماط السائدة لا على القطيعة، لم تكن هذه الرؤية شاملة ومعممة على كل من انتهج طريق الحداثة للتعبير عن وجدانياته المعاصرة بل ثمة من انطلق من قاعدة تراثية مجيدة انطبعت بها قصائدهم حتى لو لم تجد الاحتفاء الكامل وهو ما ضمن لها استمرار العطاء بالروح نفسها رغم انكسارات الحداثيين المؤمنين بالتجارب الملتبسة بالقطيعة المعرفية التراثية، ليبدو هذا الانجذاب متمحوراً لا شعورياً باتجاه سياسي محض، لذلك رأينا كيف وقعت الحداثة السعودية بسذاجة لم تكن تنم عن وعي كامل لتجاذبات سياسية يمثلها مهرجان المربد، وكيف استطاع هذا المهرجان اختلاس وعي الشعراء الذين كانوا يتسابقون إليه ليطبل لهذا ويزمر لذلك.

ويزيد المزيني: حدثني أحد شعراء الحداثة العراقيين عن سبب انقطاع أواصر الصلات بين المربد وشعراء الخليج، قائلا : كانت المقاهي وجلسات الأماسي تنعقد في لحظات احمرار الشفق إلى قبيل حصار العراق الطويل، الذي كسر النفس التواقة والرواح المشرئبة للغط المقاهي وضحكات الصحاب, الحرب كنست الأقدام وغيبت الوجوه وكسرت أقلام كثير من الشعراء الحداثيين ذائعي الصيت في الخليج العربي حتى انتاب حوارييهم الشك وغالبهم الظن بأنهم لم يكونوا يخطوا حرفا واحدا من قصائدهم التي ملأت الأسماع وشاغلت الأرواح.

وتابع: ويضيف الصديق: كان أكثرهم مثل "بالون" مليء بفقاعات صابون ما أن انفجر حتى تطاير في الهواء ، لذلك أقلع بعضهم عن الكتابة، وآخرون لم يعودوا صالحين للكتابة إلى الأبد.

ويختتم: طوى صديقي العراقي وريقاته ووجهه مشمر عن لعنة لم يفه بها، اكتفى بالقول: كنا مخدوعين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق