الثلاثاء، 18 مارس 2014

تحول الفكر الإخواني باتجاه السلفية

تحول الفكر الإخواني باتجاه السلفية
14-02-1435 06:52

موقع المثقف الجديد - محمد عبدالله الهويمل :

بالصورة الفوتوغرافية والعين المجردة والمشاهد تحت الشمس, وبعيداً عن جغرافيا التحزب مع أو ضد, يتفق الجميع أن لجماعة الإخوان المسلمين حضوراً وعلاقات طبيعية جداً ,بل وطيّبة مع السياسي والاجتماعي في كل دول كوكب الأرض عدا أبو ظبي والسيسي, ولا أحسب أن هناك نظاماً سياسياً أعلن موقفاً عدائياً أو إقصائياً أوبراغماتياً باستثنائهما.
والحق أن لجماعة الإخوان بعض الأخطاء على صعيد المنهج ,وبعض منهم تهاونوا في فهم وتفهيم العقيدة ,وكان هذا مع حداثة إنشائها مع مؤسسها الأول الذي اضطلع بمهمة وحدوية إسلامية محاولاً تقريب وجهات النظر والتصور ,لا سيما الصوفي السلفي ,فكان أن أقرّ لجماعته موقفاً وسطاً بينهما يهدف إلى إصلاح أخطاء المتصوفة وتلطيف العلاقة لتأسيس مشتركات تكون فيها الغلبة للأقرب للسنة النبوية, ولكن ما كان يؤخذ على الجماعة هو النزعة التجميعية على حساب النوعية أو التوجيه الشرعي والعقدي .ومع عبد الناصر وحافظ الأسد وبطشهما بهم على خلفيتهما الاشتراكية العلمانية غادروا إلى السعودية والخليج بوصفهم محضن السلفية التي لا تحابي في أصول وفروع العقيدة. ونشأ المركب الإسلامي من عنصري الإخوان والسلفية في تكامل ,حيث أثّر السلفي في عقيدة الإخواني ,وأثّر الإخواني في ثقافة السلفي على نطاق واسع وليس كاملاً ,ثم بدأ تحول جلي من لدن كثير من أفراد وقيادات الإخوان باتجاه السلفية ومدرسة ابن تيمية تحديداً ,وكشفت هذه التحولات والاقتراب من السلفية عن رغبة إخوانية بالاقتداء بالسلف وتمثل منهجهم العقدي المتعلق بالتوحيد والموقف من المخالف العقدي كالشيعي والصوفي والملحد إذ لم يكن المؤثر جديداً عليهم ,فالتربية التي تلقوها في المحاضن الأولى للجماعة كانت تحتوي على كتب لبعض علماء السلف , فكانت هذه الكتب همزة وصل شجعت على تحول سلس باتجاه السلفية.


المؤثر الإخواني في الشخصية السلفية كانت تفعيلاً أكثر منه تأثيراً ,وكان خارج التصور الشرعي والعقدي ,لأن السلفية أقوى شخصية داخل هذه الثنائية التكاملية لانطوائها على علم شرعي محكم ومؤصل لاهتمامها البالغ بالحديث النبوي وأسانيده مالا يتوافر في الإخوان الأزهريين ,فكان تواصل الإخوان مع السلفيين أشبه بدرس عقدي ومنهجي حقق ثمرته في الكثير وبرز إخوان ضد الصفوية الخمينية والعقيدة الشيعية والصوفية , وسطروا كتبا تحذيرية كثفت من حضور الخيار السلفي في التوجه الإخواني ,واقتربوا أكثر باتجاه السلفية بسبب تحولات قيادات فكرية , وكل هذه الإنجازات السلفية نضجت في منتصف الطريق.
كان الحوار السلفي الإخواني عفوياً بين مصيب ومخطئ بين العلم والفطرة المستجيبة للحق ,لذا آتى أُكله واقترب النموذجان من بعضهما ما أقلق العلماني , فأكثر من نقدهما وشتمهما سوياً, بل كثيراً ما يصف أحدهما بالآخر أو يجمعهما في مترادفتين متلاحقتين.
الربيع العربي أفرز الإخوان باتجاه المنصة وبقاعدة سلفية فعلياً ومعنوياً ما عزز من تقاربهما ودمجهما من جديد في تجربة العمل الإسلامي , وتماسها بالدرس الديني لتسنح فرصة جديدة للتأثير السلفي في الوعي والوجدان الإخواني.
الليبرالية الخليجية شنت حربها ضد الإخوان بسبب أن (اللبرالية) بذلت وسعها المضني لتحجيم السلفية في بلدانها ,وبعد أن حققت نجاحاً مرضياً لها تفاجأت بأن السلفية المصرية صعدت بقوة إعلامية نوعاً وكماً فأعطت قوة معنوية هائلة لسلفية الخليج باستعادة ما فقدته من مكتسبات من الليبرالية , فما كان من الليبرالية الخليجية إلا الهجوم الشرس على الإخوان بوصفهم علامة واضحة على صعود سلفي أفقي تكاملي ما يشي بأن السلفية والإخوان باتوا أقرب من ذي قبل.

الإخواني داخل الدرس السلفي متلق ينتفع بما يسمع لكن المعطل لتلقيه الآن هو تعطل الدرس نفسه , فالسياسي مارس دوره في منع هذا الدرس حذرا من التمدد السلفي باستخدام لغة ليبرالية وأخرى دينية لفض هذا التقارب.
السلفية هي الأب والأم لكل مسلم وهي المعلم الرؤوف بالإخوان ,وبذلت وستبقى تبذل في سبيل احتواء ورحمة وإصلاح الجميع ومن بينهم الإخوان المسلمون ,وحتى لو انبرى سلبا بعض غلاة التبديع من السلفية إلا أنهم أقلية غير معتد بها ,والسلفية الأم أكبر من أن تختزل في أفراد.الخيار الطبيعي للسلفية هي بذل المزيد لاحتواء الإخوان والتعاون معهم وتبليغ الحق إليهم ورفع المظلومية عنهم والدفاع عنهم بالعدل.
هذا مشروع سلفي عملاق ويسير وعفوي باتجاه الإخوان ,ولا يتم إلا بفتح قنوات بعيداً عن السياسة والغلاة .يتمثل في الحوار الودي النزيه ولا أجد أفضل من سلفيي مصر ينهض بهذا الدور لقربهم من الطبيعة الإخوانية المصرية ,ولن يخسر في هذا المجهود إلا غلاة التبديع والعلمانيون والملاحدة.
الانقلاب المصري سيعطل هكذا نشاط بسبب حملته الظالمة على الإسلاميين ,لكن هذه فرصة لأنه دفع بالسلفيين والإخوان إلى مظلومية واحدة ما عزز من تقاربهما فكانت الفرصة أفضل للتراحم والتكامل والاحتواء الناصح الرحيم. وأختم بأن الإخوان تلقوا بإيجابية الدرس السلفي ما دفع الباحث حسام تمام إلى البحث وتأليف كتاب (تسلف الإخوان) حيث رصد صعود المؤثر السلفي في جماعة الإخوان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق