الثلاثاء، 18 مارس 2014

قوة الله في الطبيعة قوته في الشريعة


قوة الله في الطبيعة قوته في الشريعة
26-05-1434 02:01

محمد عبد الله الهويمل :


البساطة خارج الفطرة غباء وبلادة, يتم استثمارها على هذا النحو في التوجيه الفكري العامي صوب نظرية ما ,حيث يتم حشد مواقف ذات إشارات مباشرة وماكرة للتأثير وتأسيس أرضية جديدة من البلادة يسميها الماكر فطرة وإيماناً جديداً بالدين وبالله .وما كان نجاح الأنظمة العلمانية في هذا القرن في استمالة الشعوب المسلمة تجاه العلمانية إلا باللعب على خطوط التماس بين الفطرة والبلادة العامية وصرف النظر على نحو متذاك لإدارة الأسئلة باتجاه معاكس ليخدم المبدأ العلماني.
وتأتي الشريعة الإسلامية قوة ورحمة في عين العاصفة العلمانية ,حيث يتم الإيحاء التدريجي الممغنط لمشاعر وبساطة عقول العوام التي راهن العلماني على توعيتها ,لأنه يعي بأنها جاهلة وغافلة ,ما يعني حاجته الملحة إلى جهلها للتفاهم معها. وتحزيبها للنظام السياسي والاجتماعي الجديد.

ربط العلمانيون بين نص الشريعة وبين الظلم والقسوة ,ولم يتيحوا فرصة للإسلاميين لطرح الأسئلة المحرجة أو ردودهم الداحضة, وشرعوا في مشروع (تقبيح الشريعة) واستعداء الذوق والعقل ضدها بإعلام وثقافة جديدة تمارس غسيل دماغ منظم , يقيس مدى نجاحاته وتفعيلها , ثم انقسم كثير من العوام إلى علمانيين ملاحدة أو مؤمنين بالله دون شريعته .والملاحدة قلة كما يبدو من مكتوبهم ومنطوقهم , وإليهم ما يلي من فكرة هذا المقال.

الشريعة الإسلامية مدونة في مكتوب متواتر يقيني ما سبب إحراجاً لدى العلمانيين ما بين عصرنة الشريعة والإبقاء عليها, ووصفها بالظلم والعدل في آن معاً رابطين القانون بالمصلحة اليومية للإنسان المسلم ضمن ضغط استهلاكي يعطل قريحته في كشف تناقضات العلماني الجديد الذي يتغافل إعلامياً وثقافياً عن سؤال (الله والشريعة) , وكيف يكون الله عادلاً وشريعته ظالمة , وكيف يكون إلهاً خالداً وشريعة مؤقتة, وكيف يفعل المعجزات ولا يحسن أن يقرر ما هو أقل إعجازاً.. ثم ها نحن نطرح سؤالنا الجديد على العلماني الجديد القديم, وأعني هذا العلماني المؤمن بالله وعدالته والمعطل للشريعة.

هل الأزمة عندهم في النص ومحدداته, أم رفضهم له ومصدره الإلهي ,أم تنازع في فهم لله ذاته وماهيته العاكسة لعدالته ورحمته.

يقول الحداثيون إن كل شيء نص ولغة .وهذا التعميم مطرد في الشريعة وغيرها. ولنأخذ على سبيل المقاربة نص (الطبيعة) بوصفه جملة من معطيات أخلاقية وقانونية ودعي إلى استلهامها الفلاسفة.

لا يكاد يخالفك علماني غير ملحد أن الله عادل ,وهو خالق الطبيعة ,ومتدخل بنفوذه المطلق في قوانينها ,بل هو واضعها بلا شريك.عند تأمل قوانين الله في الطبيعة والكون والأرض ودقته في إدارتها لا يخامرنا شك في أن خالق هذه الدقة المعجزة ذو حضور إرادي في ظواهرها الناعمة والقاسية في تدفق النهر الشفاف وفيضانه وجمال الأرض ,وفي براكينها وزلازلها ,وما يبهج الإنسان إزاء ظواهرها الممتعة كتعاقب الليل والنهار وشدة البرودة والحرارة , فضلاً عن الأوبئة التي تصيب البشر. وكل ما سبق من هذه الحركيات لا تخرج عن طوع الله ,وعليه فهي ضمن قوانينه وشريعته في تفاصيل التبدل الكوني والأرضي, ولا تحدث إلا بإذن إلهي يقرها المؤمن ويفترضها المجادل, وينفيها الملحد بوجوده أو عدله.

الزلزال كارثة تودي بجمال الأرض ,وتهدد بل تقضي على حياة رقم مهول من البشر لم يكن لهم ذنب ظاهر في حق أحد ,ومنهم الأطفال والنساء والعجائز ,وعند تعطيل سببية العدل الإلهي يكون هذا الزلزال شكلاً من الظلم بحسب معطلي الشريعة ووفق معاييرهم الأخلاقية والذوقية , إذ كيف يرون رجم الزاني ظلماً وهو مذنب وسقوط الأحجار العملاقة على الأطفال (غير المذنبين) رحمة وعدلاً؟؟.. يحدث عندها إحراج على صعيد المعايير , ما يضطر العلماني إلى صد العوام عن طرح هكذا أسئلة.

قوة الله في الطبيعة قوته في الشريعة ,ونظامه الجبار نافذ فيهما رحمةً وعدلاً ,وكل الأحكام القوية في إجرائها ضمن الشريعة لها ما يعادلها قوة في الطبيعة.. فهل للعلماني أن يصف الله بالظلم ساعة يحدث زلزال يضر بالجمال والإنسان , فإذا بدر منه هذا الوصف فله حوار مستقل ,وإن وصف الله بالعدل والقدرة على الإنفاذ والمنع فلا مسوغ له بعد هذه المقاربة أن يقف أمام عدل الله في الطبيعة إلا كما يقف أمام عدل الله في الشريعة. وللملاحدة هامش من النقاش ليس هذا نصه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق