الأحد، 26 مارس 2023

الحرية في الإسلام

الحرية في الإسلام

محمد الخضر حسين

·      فلسفة

·      ١٢,٤٦٣ كلمة

سرَت الحرية بكل معانيها في عروق الشيخ «محمد الخضر حسين»؛ ففاض خاطرُه بهذه المُسامَرة التي ألقاها في إحدى الندوات بتونس عام ١٩٠٦م. وقد فهم الشيخ معنى «الحرية» في الإسلام فَهمًا دقيقًا، ونافَح عنها حتى وفاته، ضدَّ مَن أرادوا بها كيدًا. والحرية في الإسلام ليست تلك التي تُطلِق للنفس عِنانَ التصرُّف والهوى، ولا هي التي تُقيِّد العقل والمنطق، بل تستند إلى قواعدَ تُراعى بها المصلحةَ العامة لجموع الشعوب، فالحرية في الإسلام تقوم على دعامتَين أساسيتَين، هما «المشورة» و«المساواة»، وهما القاعدتان اللتان جعلهما الإسلامُ أصلَ الحكم فيه؛ فهما تضمنان تمييزَ حقوق الأفراد دون استبداد، وكذلك انتظام أداء حقوق كل الفئات والطبقات الاجتماعية.

 

هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا من مؤسسة هنداوي بشكل قانوني؛ حيث إن نص الكتاب يقع في نطاق الملكية العامة تبعًا لقوانين الملكية الفكرية.

شارك الكتاب على فيسبوك

تحميل كتاب الحرية في الإسلام مجانا

  • ePub Logoتحميل بهيئة ePub
  • PDF Logoتحميل بهيئة PDF
  • Kindle Logoتحميل بهيئة KFX

تاريخ إصدارات هذا الكتاب‎‎

  • صدر هذا الكتاب عام ١٩٠٩.
  • صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢١.

محتوى الكتاب

عن المؤلف

محمد الخضر حسين: فقيه، وعالِم لُغوي، ومُصلِح ديني، ورائد من رُوَّاد الوَسَطية والتجديد في القرن الرابع عشر الهجري، وأحدُ كبار شيوخ الجامع الأزهر.

وُلِد بقرية «نفطة» التونسية عامَ ١٢٩٣ﻫ/١٨٧٦م في رحاب أسرةٍ تَعْتلِي عرشَ العِلم وتلبسُ حُلَّةَ العَراقة وكرم النَّسَب والشرف، تلك الأسرة التي كانت عَلامةً فارقةً في تاريخِ نبوغه الفكري؛ فقد تأثَّرَ الكاتبُ بأبيه، وبخاله السيد «محمد المكي بن عزوز» الذي كان من كبار العلماء وكان يَحتلُّ مَكانةً ساميةً في الدولة العثمانية. وقد ذكر الكاتبُ أن والدته لقَّنَتْه مع إخوانه كتابَ «الكفراوي» في النحو، و«السفطي» في الفقه المالكي. وانتقل مع أسرته إلى العاصمة التونسية؛ فتلقَّى تعليمَه الابتدائي، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحَقَ بجامع الزيتونة، وأظهَرَ نبوغًا واقتدارًا في جميع المَراحِل العِلمية؛ فتعلَّمَ العلومَ العربية والشرعية، ودرَسَ علومَ التفسير والحديث والفقه والبيان على يد علماء أفذاذ، مثل: الشيخ عمر بن الشيخ، والشيخ محمد النجار.

نال محمد الخضر حسين شهادةَ التخرُّج (التطويع) من جامع الزيتونة عامَ ١٨٩٨م، وعَقِبَ تخرُّجه فيه أنشَأَ مجلةَ «السياسة العُظْمى» عامَ ١٩٠٢م، وكانت أولَ مجلةٍ عربية أدبية عِلْمية في شمال أفريقيا، وقد أسهمَتْ هذه المجلة في نَشْر الوجه المُشْرق للإسلام، كما أسهمَتْ في إجلاءِ مَساوِئ الاستعمار؛ ولكنها سرعانَ ما توقَّفتْ نتيجةً لتولِّي الشيخ محمد مهنةَ القضاء التي لم يَمكُث فيها إلَّا قليلًا؛ حيثُ عاد بعدَها إلى تونس للتدريس بالجامع الأعظم. ثم رحل إلى دمشق، وعُيِّن مدرسًا في الجامعة السلطانية، ثم سافَرَ إلى إسطنبول واتصل بأنور باشا وزير الحربية، فاختاره محرِّرًا عربيًّا بالوزارة، وأخيرًا حطَّ رِحالَه في مدينة القاهرة واشتغَلَ بالبحث وكتابة المقالات، وعمل محرِّرًا في القسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ثم حصل على الشهادة العالمية من الأزهر الشريف، واتجه إلى تأسيس الجمعيات الإسلامية؛ فاشتركَ مع جماعة الغيورين على الإسلام في تأسيسِ جمعيةِ الشُّبَّان المسلمين. وقد أثرى الشيخُ ساحةَ الفكر الأدبي والإسلامي بالعديدِ من المُؤلَّفات، منها: «نقض كتاب في الشعر الجاهلي»، و«نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم»، و«الخيال في الشعر العربي». وقد تُوفِّي الشيخ عامَ ١٩٥٨م، ودُفِن بجوار صديقه أحمد تيمور باشا.

Hindawi Foundation LogoHindawi Foundation

· الرئيسية

· من نحن

· الكتب


مؤسسة هنداوي

 


هل أقر الإسلام الحرية في العقيدة؟ لابن باز رحمه الله تعالى

 

هل أقر الإسلام الحرية في العقيدة؟

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: إذا كان الإسلام قد أقر حرية العقيدة، فلماذا يحارب الارتداد والوثنية والإلحاد؟

تحميل المادة

الجواب:

الإسلام لا يقر الحرية في العقيدة، الإسلام يأمر بالعقيدة الصالحة، ويلزم بها، ويفرضها على الناس، ولا يجعله حرًا يختار ما شاء من الأديان لا

القول: إن الإسلام يجيز حرية العقيدة هذا غلط، الإسلام يوجب توحيد الله، والإخلاص له I، والالتزام بدينه، والدخول في الإسلام، والبعد عما حرم الله

وأعظم الواجبات وأهمها توحيد الله، والإخلاص له، وأعظم المعاصي وأعظم الذنوب الشرك بالله U، وفعل ما يكفر العبد من سائر أنواع الإلحاد.

الله سبحانه يقولوَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36] ويقول سبحانهوَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] ويقول سبحانهإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] ويقول Uفَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر:2] ويقول سبحانهوَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[البينة:5]. 

ويقول النبي ﷺأمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله U متفق على صحته.

فبين الرب U وبين الرسول ﷺ وجوب العقيدة، ووجوب الالتزام بشرع الله، وأنه لا حرية للإنسان في هذا، ليس له أن يختار دينًا آخر، وليس له أن يعتنق ما حرم الله، وليس له أن يدع ما أوجب الله عليه، بل يلزمه، ويفترض عليه أن يستقيم على دين الله، وهو الإسلام، وأن يوحد الله في العبادة، وألا يعبد معه سواه I، وأن يؤمن برسوله محمد -عليه الصلاة والسلام-، ويستقيم على شريعته، ويوالي على هذا، ويعادي على هذا، وأن يقيم الصلاة كما أمر الله، وأن يؤدي الزكاة كما أمر الله، وأن يصوم كما أمر الله، ويحج كما أمره الله، وهكذا يلتزم.

وفي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود t أنه قال: «يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قالأن تجعل لله ندًا وهو خلقك قلت: ثم أي؟ قالأن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت: ثم أي؟ قالأن تزاني بحليلة جارك فأنزل الله في هذا قوله سبحانهوَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ۝ إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70] الآية، فدل ذلك على أن توحيد الله، والإخلاص له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتحريم القتل، وتحريم الزنا، أمر مفترض لا بد منه، وليس لأحد أن يشرك بالله، ليس له أن يزني، ليس له أن يسرق، ليس له أن يقتل نفسًا بغير حق، ليس له أن يشرب الخمر، ليس له أن يدع الصلاة، ليس له أن يدع الزكاة، وهو عنده مال فيه الزكاة، ليس له أن يدع الصيام وهو قادر -صيام رمضان- إلا في السفر أو المرض، ليس له أن يترك الحج وهو قادر، بل يحج مرة في العمر، إلى غير ذلك.

فلا حرية في الإسلام، بل يجب أن يلتزم الإنسان العقيدة الصحيحة، ويدع ما حرم الله، نعم له حرية في الأمور المباحة التي أباح الله له، له حرية في الأمور المستحبة التي لا تجب لو شاء تركها لا بأس، والمباح إن شاء فعله، وإن شاء تركه.

أما ما أوجب الله عليه فيلزمه فعله، وما حرم الله عليه فيلزمه تركه، وليس له أن يعتنق الشيوعية أو النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو المجوسية ليس له ذلك، بل متى اعتنق اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو الشيوعية صار كافرًا حلال الدم والمال، يجب أن يستتاب، يستتيبه ولي الأمر الذي هو في بلده، ولي الأمر المسلم يستتيبه فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتله؛ لأن النبي ﷺ قالمن بدل دينه فاقتلوه رواه البخاري في الصحيح.

فمن بدل دينه دين الإسلام بالكفر وجب أن يقتل إذا لم يتب، فبهذا يعلم أنه ليس للمسلم حرية أن يترك الحق وأن يأخذ بالباطل أبدًا، بل يلزمه الاستقامة على الحق، ويلزمه ترك الباطل، وعليه أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح لله، ويدعو إلى الله U، وأن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يدعو الناس إلى ترك ما حرم الله عليهم كل هذا أمر مفترض حسب الطاقة، نعم.
المقدم: الذي نفهمه من هذا يا فضيلة الشيخ، أن الإنسان مقيد ولا بد فإن لم يقيد بالإسلام وطاعة الخالق كان مقيدًا بالهوى وطاعة المخلوقين؟

الشيخ: وهذا صحيح، النفس فيها حركة، النفس إن لم تلتزم بالحق دعته إلى الباطل، واللسان كذلك إن لم يتكلم بحق تكلم بباطل، وهكذا الجوارح فالعبد إن لم يلزمها ويأخذ عليها في الحق، وإلا انقاد لهواها وباطلها، وللشيطان؛ فوقع فيما حرَّم الله عليه

فالواجب أن يلتزم ما أوجب الله عليه في لسانه، وفي أفعاله، وفي سائر شؤونه، وألا يدع للشيطان مجالًا، وللنفس الأمارة بالسوء مجالًا، بل يحارب ذلك ويستعين بالله على ترك الباطل وعلى أداء الحق، نعم.

 مسائل متفرقة في العقيدة