السبت، 22 مارس 2014

الكائن الليبرالي.. أي شيء هو؟. رشود التميمي

الكائن الليبرالي.. أي شيء هو؟

الليبرالي كائن حي لا تنقطع عجائبه، ولا تنقضي مفاجآته وغرائبه؛ فهو يبعث على التأمل والتفكر، ويمثل هو ونتاجه بيئة خصبة للدراسة والتفكر والتندر.
والليبراليون طيفهم واسع؛ فمنهم المتطرفون الغالون الذين وصلت بهم الحال إلى إنكار الغيبيات، ومنهم، على الطرف الآخر، المنافقون الذين تعرفهم في لحن القول. وقد صار نشاطهم وحماسهم في بلادنا محموما خلال الأعوام الأخيرة، وهذا صدى متأخر للمد الليبرالي على مستوى العالم في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي ونشوء ما يسمى بالأحادية القطبية، حيث وظفت له الأموال ووسائل النشر والاتصال على طول الأرض وعرضها.
وسوف أستعرض هنا جوانب وصفات وأعراضا من شخصية الكائن الليبرالي عندنا، وليس شرطا أن تجتمع كل هذه الصفات في نفس واحدة. وعلى أية حال، فالشواهد كثيرة لا يتسع لها المجال، وإنما سعيت هنا إلى رصد عابر لما نراه كل يوم من أحوالهم.

طور التحول والتكوين:

يشبه التحول والتطور عند الكائن الليبرالي، إلى حد ما، التطور الحاصل عند بعض الكائنات الحية (metamorphosis) الذي يعطي عند اكتماله كائنا جديدا، لكن الفرق هنا هو أن الكائن الليبرالي يعتمد في تحوله على كائنات ليبرالية أخرى حاضنة، ولا يمكنه بحال أن يُتم هذه العملية بدونهم. فإذا صُدمتَ بإنسان كانت تغلب عليه البراءة والطيبة والاعتدال وقد تحول إلى بوق ليبرالي، ففتش عن البيئة الحاضنة له، فقد تكون جريدة ليبرالية أو موقعا إلكترونيا ليبراليا. وربما امتدت فترة الحضانة لسنة أو أكثر قبل أن ينتمي إلى هذه البيئة الجديدة.
وعند ظهور علامات هذا التحول، يدخل الكائن الجديد في مرحلة الشد والجذب مع الأطراف المخالفة عبر الساحات المتاحة له في بيئته الحاضنة، فتبدأ مرحلة الفرز والاصطفاف، وهي مرحلة نفسية مهمة لتكريس الهوية الجديدة لديه، تتبناها البيئة الليبرالية الحاضنة بحماس شديد، وتفتح لها الأبواب بكرم بالغ. وبهذا ينخرط المسكين في الجو الليبرالي، ويسبّح بحمد أولياء نعمته، وينوح على \"الحقوق المهدرة\" ومن أهمها \"حقوق المرأة\"، وحق محاربة \"الظلاميين\" وحق العيش بعيدا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\"، وقد يرى في نفسه الفارس المخلص لهذا المجتمع، فهو يقاتل الظلام كما يقاتل دون كيشوت طواحين الهواء.

الله والكون والحياة:

لا يتوفر الكائن الليبرالي على تصور إسلامي صحيح، فهو في الغالب يستأجر العقلية الغربية عند الحديث عن الله والكون والحياة. وهذا خطأ فادح ناتج إما عن الجهل أو الغفلة، وكلاهما منقصة. وبسبب هذا الخطأ فإن طروحاته تواجه صدامات قوية ودائمة مع أطياف المجتمع المسلم.
عندما يطالب الليبرالي بإزاحة سلطة الدين عن الحياة العامة فهو جاهل تماما بالإسلام، فأهم ما يميز الإسلام عن غيره من الديانات هو شموليته، إذ لا يمكن اعتبار أي سلوك أو قول أو فعل يقوم به المسلم خارجا عن الأحكام الشرعية الخمسة بأية حال! فهو إما واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه أو محرم، ويكفي أن نعلم أن هذا الأمر من المسلمات المتفق عليها عند المسلمين لندرك مدى الجهل الذي يتمتع به الكائن الليبرالي.
والفرق بين حاجة المجتمع النصراني وحاجة المجتمع المسلم لليبرالية يماثل الفرق بين ديانة مفتوحة للتعديل والتحريف وديانة تقوم على الوحي الموثق الصحيح الذي لم ولن يلحقه أي تعديل أو تحريف.
يمكننا أن نلتمس العذر لسبينوزا مثلا – وهو من الذين مهدوا الطريق لنشوء الليبرالية - عندما يعترض مثلا على عقيدة الكنيسة القائلة إن الرب تحول إلى بشر وبقي ربا في الوقت نفسه، فهذه عقيدة لا تتفق مع المنطق، بل تعارض نفسها، فإذا علمنا أن المخلوق يموت والخالق لا يموت، وأن التحول والبقاء لا يجتمعان، فهو معذور لتمرده على ما يناقض المنطق الذي وهبه الله له. لكننا لا نعذر ليبراليا محليا جاهلا يطالب بدين إسلامي لا علاقة له بالحياة العامة، أو بتعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالدين الإسلامي لا يمكن إبعاده عن الحياة العامة، وعندما يخوض الليبرالي في أمور يجهلها فعليه أن يتحمل نتيجة جهله.
ولليبراليين اعتقادات تشرّق وتغرّب! فبعضهم يرى أن العامة مخدوعون بقصة الخلق والرسالات والمعاد، وأنها مسرحية محكمة للسيطرة على العقول! وهذه الفكرة انتشرت بعد رواية لنجيب محفوظ رمزت للقصة المزعومة برموز واضحة. لكنهم على أية حال لا يجرؤون على الإفصاح عن هذه الأفكار صراحة، وإن كانت تطل برأسها أحيانا في فلتات ألسنتهم.

نفاق وتقية:

يخطئ من يظن أن التقية حصرٌ على الرافضة! فالكثير من الليبراليين عندنا يُظهرون خلاف ما يبطنون، فبعضهم لا يصلي، ولكنه لا يعلن ذلك، ولا يمكنك اكتشافه إلا إذا حان وقت الصلاة. وبعضهم لا يؤمن بالغيبيات ولا باليوم الآخر، ولكن هذا لا يظهر منهم إلا في الجلسات الخاصة، حيث ترى الاستهزاء القبيح بالثوابت، وقد يستمرئون الجرأة على ذلك ويتفاخرون بها في مجالسهم الخاصة. ويظهر أن مبعث تلك التقية هو عدم القدرة على الصدام الصريح مع مجتمع تغلب عليه الصبغة الدينية.
ومن أعجب ما رأيت في صحافتنا \"كاتب\" من كتّاب جريدة الرياض، حريص على إظهار صورته بمظهر المتدين الملتزم وهو ما برح يبشر بما يسميه بـ \"الإسلام الليبرالي\". فهو يعتقد – والله أعلم – أن تسويق البضاعة الليبرالية في مجتمع متدين تحتاج إلى لحية ومظهر متدين. وكلما رأيت هذه النوعية من الكتّاب تذكرت خطة أهل الكتاب التي فضحها القرآن الكريم في قوله تعالى \"وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون\".

متلازمة أبي إمعة الببغائي:

أبو إمعة الببغائي شخصية تعود حقوقها لأخينا المبدع محمد العردان، لكنها تعتبر شخصية ليبرالية نمطية بامتياز؛ فهناك شريحة لا يستهان بها من الليبراليين يعانون من هذا المرض القاتل للهوية. وتكثر أعراض هذه المتلازمة عند ليبراليينا الذين ذهبوا لدراسة العلوم الإنسانية في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فتجدهم مولعين بتقليد أسلوب الحياة هناك إلى حد الفجاجة، وليتهم يقلدون الغربيين في السلوكيات التي حض عليها ديننا كاحترام الوقت والإتقان والدقة في العمل.
هناك من المبتعثين إلى تلك البلدان من ينقصه العلم الشرعي اللازم لتثبيت هويته وحمايتها، فإذا خرج من مجتمعه المحدود والموغل في المحلية إلى هذه الحضارة المادية المبهرة، فهو سيصاب بالصدمة الحضارية، وخلال هذه الصدمة ينقاد انقياد المغلوب للغالب، وهذه سنة اجتماعية تحدث عنها ابن خلدون وغيره، وتحصل عند من لا يحتمي بهوية متينة تحميه. وأما إن وافق ذلك كله ميلا ذاتيا في نفسه للانقياد، وكان سريع الذوبان، فكبّر عليه أربعا!
والذي يظهر لي أن المحك في ذلك هو توفر الشخص على قدر من العلم الشرعي الصحيح منذ البداية، فكم من المبتعثين عادوا إلى بلادهم أكثر التزاما وتمسكا بدينهم مما كانوا عليه.

ماذا يقولون عنا؟

هذه النغمة تتردد كثيرا لدى الكائنات الليبرالية، والمقصود بهم طبعا \"الغربيين\"! يجتهد الليبرالي المناضل ويكد ويكدح ليرتفع قليلا في أعين \"الغربيين\"، ولتظهر صورته أمامهم أجمل، ولا يعلم أنها عقدة نفسية ناتجة عن شعور عارم بالهزيمة. فقيمته في هذه الحالة لا تنبع من ذاته وإنما هي القيمة التي يمنحه إياها هؤلاء، وهذا وضع مركب عجيب، ويبدو أن الأيام والليالي تساهم في ذلك كثيرا، فهو يعيش في \"الشرق الأوسط\"، أي أن موقعه الجغرافي يستمد هويته من مكان آخر يقع إلى جهة الغرب، فهو يعيش في موقع نسبي غير أصيل، وهذه الهوية النسبية تغرس في وعيه ليلا ونهارا، وإذا بحث عن تاريخه لدى الغرب فلن يجد شيئا! فأكثر مراحل تاريخه إضاءة كانت أثناء العصور المظلمة عندهم، فمن أين يكتسب هويته المستقلة؟ ولو كان يأخذ بصريح القرآن لأدرك أن كل هذا لا يجدي فتيلا وأنهم لن يرضوا عنه حتى يتّبع ملتهم.
أما المفارقة الطريفة هنا فهي تكمن في النتيجة العكسية! فالناس لا يرتفع في نظرهم من تنقصه الاستقلالية، ولن يزيد احترامهم لمن يظل تابعا مستمدا هويته من الآخرين، ولكن الليبرالي لا يدرك ذلك، ويظل أبدا يناضل ويقول \"ماذا يقول الغرب عنا؟\".

\"لا تقمعني!\":

\"لا تقمعني!\" شعار لا تزال الكائنات الليبرالية تردده ليلا ونهارا، ولا ندري أين القمع الذي يقع عليهم! فإذا كانت وسائل الإعلام مشرعة لهم على مصراعيها، بل إنهم في الغالب هم الذين يتسنمون المناصب فيها ويحتكرونها لهم ولأصحابهم، فمن الذي يمارس القمع في الواقع؟
الكثير منهم لا زال يقتات على الشكوى من القمع كما يقتات الرافضة على مقتل الحسين رضي الله عنه، فالزمن تجاوز هذه الأمور ولم يعد لها قيمة. وكلما رأيت ليبراليا يشكو من القمع تذكرت قصة القرَدة والموز، وهي تجربة طريفة سأوجزها..
وُضعت خمسة قرود في قفص وعُلقت وسط القفص حزمة موز تحتها سلم، ما إن اعتلى أحد القرود على السلم وأمسك بالموز حتى سُلط رشاش من الماء البارد على بقية القرود، كُررت العملية عدة مرات فصارت القرود تمنع أي قرد يحاول الصعود إلى حزمة الموز وتهاجمه. بعد ذلك تم إيقاف رش الماء وتم استبدال القرود واحدا واحدا على مراحل، وكل قرد جديد يندمج مع بقية القرود في ممارساتها تلك دون أن يعرف الحكاية، حتى تم استبدالها جميعا بقرود جديدة لم تذق رشة الماء البارد، فكانت النتيجة طريفة للغاية وهي أن القرود كلها صارت تمنع أي قرد يحاول الوصول إلى الموز دون أن تعرف السبب!
فلا تعجب إذا اشتكى ليبرالي يافع من القمع وهو لم يره في حياته، وصفحات الصحف الليبرالية مفتوحة له على مصراعيها!

الفوبيا \"اللحيوية\":

ابتدع الليبراليون لفظة \"الإسلاموية\"، وعلى وزن \"الإسلاموية\" صغت هذا النوع من الفوبيا نسبة إلى اللحية، والفوبيا مرض نفسي رهابي يظهر بلا مقدمات، ومن أعراضه الذعر الشديد المفاجئ لدى المصاب. والليبرالي المصاب بالفوبيا \"اللحيوية\" يظهر عليه الذعر وقد يصيبه ما يسمى لدى العامة بـ \"الرعدة\" حين يرى متدينا ملتحيا، ويشتد الأمر عليه إذا ما جمعته الظروف معه في مصعد أو في مكان ضيق. وقد تكون الحالة عنده خفيفة فيتمعر وجهه أو تختل نظراته دون أن تظهر عليه علامات الهلع. وهو يخنس أمام صاحب اللحية ولا يعترض عليه إلا حينما يختفي عن ناظريه، وقد يحاول إبداء المودة والمجاملة له رغم أنه يتآكل من الداخل.

خطوط التجميع الليبرالية:

يمكن اعتبار بعض جرائدنا المحلية بمثابة خطوط تجميع (assembly lines) لإنتاج الكائنات الليبرالية. فجريدة مثل الوطن أو الرياض تفتح ذراعيها لكل من لديه القابلية لتبني الأفكار الليبرالية بصرف النظر عن جودة الكتابة والقدرة على التحليل. ولا أريد أن أخوض في الأسماء، لكنني أعرف من كانوا لا يجيدون الكتابة لا نحوا ولا بلاغة ولا أسلوبا، وكانت مقالاتهم تصحّح أخطاؤها وتعدل صياغتها طيلة فترة الحضانة، فتمت حضانتهم وأصبحوا الآن من كتاب ودعاة الليبرالية لدينا، والثمن الذي يقبضه هذا \"الكاتب\" هو الشهرة والتلميع، فحاله كحال الأعرابي الذي بال في بئر زمزم من أجل الشهرة!
أما إن كانت الضحية امرأة فإنهم يطيرون بها احتفاء وتشجيعا، ويسعون لرفع ذكرها في الأوساط الإعلامية بلا أية شروط أو حد أدنى من القدرة على الكتابة أو استخدام الفصحى، ويمكنك أن تجد من تكتب مقالاتها في جريدة الوطن بعناوين تحمل ألفاظا عامية محلية أو كلمات مصرية دارجة!

\"إذا خاصم فجر\":

من آيات المنافق، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه إذا خاصم فجر، والليبرالي لا يتردد في الفجور ضد خصومه إلا إذا شعر بالخوف من المسئولية. والأمثلة على ذلك كثيرة وتكاد تكون يومية في الصحافة الليبرالية لمن يقرأ الأخبار التي تتعلق بالهيئات أو طلبة العلم أو العلماء، وفي الغالب ينكشف كذبهم وفجورهم، وهذا ما دعى سمو النائب الثاني- حفظه الله تعالى- إلى فضح وتوبيخ جريدة الوطن في أكثر من تصريح، والأمثلة في ذلك كثيرة لعل من أبرزها الدعوى التي رفعها الشيخ سلمان العودة ضدهم وكسبها إثر نشرهم خبرا ملفقا عنه وعن ابنه معاذ.
ومن الفجور ما يقترفه الليبرالي في حق الذات الإلهية، كالذي قال إن الله والشيطان وجهان لعملة واحدة. ومنه أيضا ما اقترفه أحدهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم حينما وصف أحد الأحاديث النبوية بالوحشي، ولم يعلن توبته حتى تحول الأمر إلى قضية في المحاكم. فهم يخافون ولا يخجلون.

المرأة ثم المرأة ثم المرأة:


لا أدري ما حكاية هذه الكائنات الليبرالية مع المرأة وحقوقها! العجيب أنهم يطالبون بحقوق المرأة والاختلاط ونساؤنا يشتكين إلى خادم الحرمين الشريفين منهم ومن مطالباتهم! والأمر هنا لا يخرج عن احتمالين؛ إما أنهم منحوا أنفسهم وكالة لم تعط لهم للمطالبة بحقوق المرأة، أو أنهم ببغائيون يسمعون بهذه المطالبات في البلدان الأخرى وينقلونها لنا..
وبسبب سيطرة هذه الشريحة على بعض وسائل الإعلام أصبحت حقوق المرأة كالاسطوانة المشروخة، واختُصرت كلها في المطالبة بالاختلاط وقيادة المرأة والظهور الإعلامي لها، وضاعت مع هذه الاسطوانة الحقوق الفعلية التي يجب أن تطالب بها النساء كحقوق المطلقات والأرامل والمظلومات. وقد تعجبت كثيرا من أحد الكتاب في جريدة الرياض عندما يغلي كغليان المرجل وهو يتحدث عن القنوات الإسلامية \"الرجالية\" التي لا تسمح بظهور المرأة!

المدرسة السفسطائية:

من السمات البارزة عند بعض الليبراليين أن تقرأ له مقالا بطوله وعرضه فلا تخرج بشيء! وهذه السمة في الكتابة تثير علامات استفهام حول الجدوى من الكتابة وإشغال الصفحات بلا طائل. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، ولكني سآتي بمثالين فقط..
يقول أحمد العباس في جريدة الاقتصادية: \"... صارت الأولوية في الثقافة الجديدة التي تتقدمها الصحافة، للنماذج الموضوعية، حيث تراجعت الوظيفة المعرفية والجمالية، وتزعزعت مقاصد الثقافة كبنية فوقية في إبراز طموحاتها للأصالة والجدية، بمعنى أن مسارها قد تم حرفه أو تصحيحه من منظور صحافي، ومن خلال مثقف عضوي، يتكئ على تنظيرات غرامشي من حيث التلازم البنيوي بين القضايا مع الأدوات، ولكن من منطلق استخدامي، بحيث لا تتحقق الأفكار الإبداعية وفق المفهوم الوظيفي للثقافة، بقدر ما تتجلى كحاجات ثقافية يومية.\"
ويقول \"المحمود\" في جريدة الرياض في إحدى مقالاته الأخيرة: \"... النظر إلى الخبرة كما لو كانت شيئا يجري داخل جسم فرد ما وعقله\"، ولا أدري كيف تجري الخبرة داخل الجسم! ثم يقول في نفس المقال: \"... التأثر بالطبيعة الذهنية المكتنزة بما وراء الإلهي الخالص\"، والمشكلة أنه يقول في نفس المقال: \"في ظني أن هذا واضح\". فأقول: في يقيني أن هناك شيئا واضحا جدا!

اكتساح الساحة:

مجتمعنا ولله الحمد مجتمع متدين على العموم، وهو عصيّ على الليبرالية، ولهذا نجد الكثير من الرفض لأطروحات الليبراليين على كافة المستويات.. لكننا نراهم بين حين وآخر يصرحون بأنهم يكتسحون الساحة، وأنهم قادمون، وأن التغيير حاصل لا محالة والمسألة مسألة وقت! وهذه في الحقيقة نغمة يأس أحمد الله كلما رأيتها، فالتذمر واضح لمن يحضر مجالسهم، ورسائلهم البريدية التي يستجدون بها الزوار لمواقعهم تنهال يوميا دون طائل، فمواقعهم الشخصية ومنتدياتهم تقبع في ذيل المواقع الثقافية، ويمكن التأكد من ذلك بمراجعة مواقع الترتيب العالمية. وربما يئس القائمون على الموقع فأغلقوه كما حصل في موقع الليبراليين الكويتيين.

الخبث والتدليس:

من أساليب التدليس التي يستخدمها الليبراليون فصلهم بين الإسلام في عصر النبوة وبين الإسلام الآن، والهدف هو أن يكون ما يسمونه بـ \"الإسلام الصحيح\" هو مجرد فكرة تجريدية في الأذهان.
ومن تدليسهم أيضا ضرب الملتزمين بقوس الإرهاب والتكفير، وسعيهم حثيث ونشط في محاولة إحداث اللبس والخلط بين طلبة العلم وبين الإرهابيين والتكفيريين، وربما جمعوهم تحت مصطلح \"المتشددين\". ومعلوم أن الإرهاب والتساهل في التكفير والقتل لا يعتبر زيادة في الالتزام بالشريعة وإنما تفريط بها.
ومن الأحداث القريبة التي تبرز تدليسهم ودجلهم ما أثاروه بعد حديث الشيخ يوسف الأحمد عن إعادة إعمار الحرم المكي، فاتهموه بالدعوة لهدم الكعبة تارة، وسموه بأبرهة تارة أخرى، ولم نر دموع التماسيح هذه إلا بسبب بحثه عن حلول لمشكلة الاختلاط والزحام بين الرجال والنساء في الحرم المكي.
وسأختم الكلام عن تدليس الليبراليين بخدعة قبيحة قام بها أبناء عمومتهم في منتدى الليبراليين الكويتيين، والقصة موجودة بكاملها على هذا الرابط:
http://www.hawamir.com/fraud


_ رشود التميمي _ ( خاص _ إخبارية حائل )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق