الثلاثاء، 18 مارس 2014

سؤال نبوي يستفز اللبراليين ؟

سؤال نبوي يستفز اللبراليين ؟
21-10-1434 09:51

محمد بن عيسى الكنعان* :

قبل سنوات كنت أكتب في موقع إلكتروني فكري يحمل اسم (جسد الثقافة)، وكان يضم في قائمة محتوياته المتنوعة (منتديات حوارية)، واذكر أن إحدى المثقفات السعوديات المشاركات في ذلك الموقع تحت اسم مستعار قد أصيبت بحالة هستيرية في ردودها المتشنجة عندما دخلت في نقاش مع بعض الأعضاء حول الأسلوب التربوي في معالجة السلوكيات الأخلاقية السلبية أو المنحرفة من خلال فكرة (أترضاه لأختك؟)، حيث رفضت تلك المثقفة التي تدعي الليبرالية هذا السؤال المرتكز على ذلك الأسلوب التربوي، كما لقيت تأييداً من بعض أعضاء الموقع لهذا الرفض.


في ذاك الوقت كنت أعتقد أن رفض تلك المثقفة يمثل (حالة خاصة) ويعكس عدم فهمها للأسلوب التربوي الفريد النابع من هدي نبوي كريم، ولكن تبين لي مع الأيام وخلال قراءة اطروحات وأفكار أدعياء الليبرالية السعوديين أنها ليست حالة خاصة، إنما عاهة فكرية تكاد تكون حالة عامة بينهم في مسألة السلوكيات، حتى أنك تشعر أن العبارة الاستنكارية : (أترضاه لأختك ؟) تستفزهم بشكل واضح وسريع. فهل هذا عائد إلى تأثير العبارة الفاضح للنفس الليبرالية بوضع هذه النفس أمام حقيقة رغباتها الحيوانية؟ على حساب النقاء الفطري. وبالتالي كشف موقف مدعي الليبرالية من حقيقة رفضه للسلوكيات المنحرفة، أم أن الرفض راجع أساساً إلى فلسفة الفكرة الليبرالية؟. كونها فلسفة قائمة على تحقيق أقصى درجات الفردية والاستقلالية والحرية للإنسان في كل تصرفاته ومواقفه، وبالتالي فهو ـ أي مدعي الليبرالية ـ مسؤول عن نفسه باعتباره إنساناً فرداً مستقلاً! مثلما أن أخته أو أمه أو عمته هي الأخرى مسؤولة عن تصرفاتها وسلوكياته كإنسان فرد ومستقل عنه.

يمكن قبول هذا الرأي عن ممارسة الحرية وفق استقلال الفرد كتبرير لحالة أو موقف الليبرالي الغربي بسبب الفصل التام في المسؤوليات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، في مقابل وجود علاقات اجتماعية مفتوحة في الحياة الغربية على مستوى هؤلاء الأفراد مع الآخرين قد تصل إلى العلاقات المحرمة أو السلوكيات المنحرفة، التي تتنافى مع أبسط أبجديات الفطرة السوية. لكن في حال مدعي الليبرالية السعودي فإن هذه العلاقات غير موجودة واقعاً ومرفوضة شرعاً ومستهجنة عقلاً، حتى على مستوى مناقشتها أو تبريرها. وبالتالي فالرباط الاجتماعي قائم بين أفراد الأسرة السعودية على قيم إسلامية محكومة بنصوص شرعية، إلى جانب عادات وتقاليد عربية متوارثة يعرف مدعي الليبرالي قبل غيره أنها شريفة في غايتها ونبيلة في وسيلتها، ولهذا فعبارة (أترضاه لأختك؟) تأتي في سياق تلك النصوص الشرعية لتعزيز القيم السامية في حياتنا الاجتماعية، كي تستمر متفقة مع الفطرة السوية وبعيدة عن الممارسات الحيوانية. كما أن تلك العبارة بسياقها التعبيري في الحديث النبوي إنما تؤكد قيمة المسؤولية باعتبارها هي أساس الحرية الحقيقية، وارتباطها في اتزان النسيج الاجتماعي، وتكريس لمصلحة الجماعة بما لا يتعارض أو يهضم حق الفرد.
لذلك فعبارة (أترضاه لأختك؟) تستفز أدعياء الليبرالية السعوديين كونها تكشف تناقضهم بين المبدأ (الحرية) والتطبيق (الممارسة)، بين ما يريدونه سلوكياً وبين ما يعتقدونه اجتماعياً، بين حريتهم على حساب غيرهم وبين حرية غيرهم في حياتهم، بين رغباتهم الحيوانية الكامنة في نفوسهم القلقة وبين معتقداتهم الاجتماعية الداعية إلى عدم المس بالمحارم وفقاً لاعتبارات دينية أو عادات وتقاليد اجتماعية. وربما هذا يفسر وجود كثيرين من أدعياء الليبرالية السعوديين الذين يؤيدون أفكاراً ويدعون إلى تطبيقها في الفضاء الاجتماعي العام مثل الاختلاط في العمل، أو كشف وجه المرأة، أو قيادتها للسيارة، أو ابتعاثها للدراسة خارج المملكة بلا محرم، بينما هذه الأفكار تعتبر من المحرمات، أو على الأقل من الممنوعات عندما تتعلق بأقرب الناس لهم أو تمس جانباً من حياتهم.

moh.alkanaan555@gmail.com * أو تويتر : @moh_alkanaan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق