15-09-1434 07:59
محمد بن عيسى الكنعان * : المتمعن في طبيعة الحوارات الإعلامية أو النقاشات الفكرية، التي تجري مع النخبة المثقفة المنتمية للتيارات الليبرالية والعلمانية على مستوى العالم العربي بما في ذلك نخب الخليج والسعودية، يلحظ توجهاً معيناً ومقصوداً لدى تلك النخب، يتمثل في حصر حديثها وأبعاد نقاشها عن الليبرالية في الجانب الإيجابي وعندما نشير إلى بريطانيا بالذات ونجعلها محل التمثيل ومقصد الدلالة للنزعة الإلحادية التي غدت ظاهرة غربية، فلأنها ُتعد مهد الليبرالية التي انتقلت منها إلى العالم الغربي وكانت سبباً رئيساً ومفصلياً في حضارته المعاصرة، وأيضاً لأن بريطانيا حاضرة العلمانية المتسامحة مع الدين ومثالها الواقعي، فالملكة هي وعليه يبدو السؤال حاضراً : هل يمكن أن نشهد موجة إلحاد في مجتمعنا العربي بما فيه السعودي؟، خاصة ً أن أدعياء الليبرالية لدينا يمارسون أكبر كذبة فكرية لتضليل الناس من خلال اللعب على ثلاثة محاور، الأول محاولتهم المستمر في ربط التشدد الديني بالإلحاد، مستندين على أحاديث نبوية شريفة عن الغلو والتنطع، بحيث يتعاملون معها بطريقة انتقائية فجة ويوظفونها في حالات اجتماعية تجعل الدين مجرد ثقافة روحية واسما يكتب بالوثائق الرسمية، وأخلاقا شخصية وليس عبادات مفروضة ومعاملات محكومة بمرجعية إسلامية. والمحور الثاني تسويقهم الفلسفة الليبرالية بفصلها عن سياقها التاريخي وحقائقها الفكرية وتلازمها الطبيعي بالتحرر العقلي الذي يؤدي في كثير من حالاته إلى الإلحاد. أما المحور الثالث هو تأكيدهم أحقية الأجيال حتى لو كانوا مراهقين، في مناقشة ونقد كل الأفكار والآراء حتى المسلمات الدينية لأن العقل الشكي عندهم من هنا نفهم تركيز النخب الليبرالية لدينا وعلى مستوى الخليج وصعيد العالم العربي في أحاديثها الإعلامية وحواراتها الثقافية على الجانب الإيجابي في الفكرة الليبرالية تاريخاً وحضارة، ومحاولة تبرير المواقف الإلحادية للفلاسفة والمفكرين الغربيين، لأن إخضاع الليبرالية عموماً للنقد الحر والمساءلة العميقة مع الاستشهاد التاريخي يسُقط فكرتها المحورية بأنها جاءت لتحرير العقل من أجل سعادة الإنسان ، بينما سياقها الحضاري وتجلياتها الواقعية يُشيران إلى أنها حررت عقل الإنسان بطريقة غير منضبطة مقطوعة الصلة بالجانب الروحي ، فتحول الإنسان إلى بهيمة تدفعها الشهوة وتحكمها المادة ، ما يبرهن على أن الفلسفة الليبرالية في حقيقتها الأصلية تعارض الدين القويم وتخالف الفطرة السوية ، كونها تهيئ الأرضية الكاملة للإلحاد في إطار تحويل الإنسان إلى سلعة في سوق النخاسة المادية . moh.alkanaan555@gmail.com * أو تويتر : moh_alkanaan @ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق