27-10-1434 06:47
موقع المثقف الجديد - محمد عبدالله الهويمل: حضور الاصطلاحات التعريفية ضرورة في أي جدل فكري شأن الرايات في المعارك وتتوتر هذه التعريفات والاصطلاحات درجة التحزب والتحزيب غير أن الأحرى بالفحص هنا هو النتائج والإفرازات لأن الاحتدامات والتجاذبات حتمية وطبيعية ومسألة إجرائية بحتة وتوصيفها ليس بدعاً ولا إبداعاً ,بل أشبه بالنقل المباشر عبر فمصطلح (صحوي) مثلاً كان مفخرة لمتصفها واستحال إلى غير ذلك بسبب المناخ الجديد الذي يلعب بمهارة في تربية المصطلح وتوجيهه باتجاه معاكس أحياناً. غير أن النافذين في هذا الإعلام المقروء لم يعوا تنامي الإعلام الاجتماعي الذي يتحكم في مفاصله كل مقروء ذي وجبة خفيفة وهذا لا يتوفر في الرسمي ذي المسحة الليبرالية ,فإذا كان الرسمي يشفع الخبر والمقال بالصورة، فالإنترنتي يشفعها بمقطع فيديو يبعث على مزيد من الجدية والمصداقية ,بل يشي بعناية الرسمي وقور في توصيفاته حتى لو كانت متطرفة على العكس من النت وهذا ما يدفع بعضهم إلى الكتابة في النت بشكل غير وقور بعد أن خرج عن شروط المحمية الإعلامية. وفي السياق الزمني لهذه التجاذبات تنهض الشاشة الحرة لتعزز ما يشهر في النت وتضعه تحت الشمس لتطبيع ما هو طارئ وشرعنة المقاومة المحافظة ضد ما يسمى بمشروع التغريب. التربية السعودية العفوية أسرياً ومسجدياً وتعليمياً كونت خلفية متكاملة وأرضية صلبة وبلورت وعيا خاصا بالتصنيفات لا تزاح إلا ببرهان دامغ لا يتحايل ويضع الأمور في مربعاتها الحقيقية ,وهذا مشروع لا بد أن ينسق في سبيله كل دعاة التنويري غير أن ما حدث هو العكس وحدث التراجع للتنوير بوقوعهم المتكرر في سقطات حادة طالت المشاعر الجمعية ,وأكدت الاصطلاحات التصنيفية وأبقتها على ما هي عليه ووفق ما حدده المحافظون سلفاً وانتهت المعركة بخسارة التنويرين للمشروع والتصنيف معاً مع انتصار المحافظين لمعركة المصطلح بل إنني أجزم أن التنويريين لم يحصلوا ثقافياً على الجنسية السعودية رغم أنهم لم يتورطوا في تفجيرات وأعمال عنف في حين أن الظاهرة الدينية رغم ضلوع بعضها في هذا عادت وبسرعة في علاقتها الحميمية بالمجتمع ,وتلقاها المجتمع بالصفح والغفران لأنهم (عيالنا غلطوا) فالمجتمع يغفر للصحوة أخطاءها الطهورية وهذا قد لا يتحقق مع أخطاء الليبراليين نتيجة سوء إدارة المصطلح وظلاله في الحركة السعودية الاجتماعية وهذا يطّرد في أطراف أخرى خسرت المعركة ذاتها للأسباب ذاتها ك(الشيعي) و(الصوفي) فهما على الرغم من اعتزازهما بهذا التوصيف المصطلحي إلا أنهما لم يحسّنا من ربطه بملابساته الإيجابية وعدم وعيهما بالنقد العقلي والسلفي ,فالصوفي لم يجتهد من فض ارتباطه بالخرافي وكذلك الشيعي أو عقلنته على نحو واضح وعلني ,فبات المصطلح دلالة مباشرة على ملابساته وملازماته على خلاف السلفية التي دافعت عن منهجيتها ومفاهيمها المركزية وبذلت جهداً في مهاجمة الظاهرة والثقافة التي وُصمت بها ونجحت حين استطاعت عزل السلفية المدرسية عن السلفية الجهادية ,وتم بسط هذا التفريق إعلامياً وحققت السلفية نجاحاً جديداً في حرب المصطلحات. والأزمة الماثلة أن الصوفي والشيعي يعيشان المقبول والمرفوض وينطويان على هذه الثنائيات الضدية دون أي مجهود لتحسين المرفوض أو نفيه ولعل هذا ما جعلهما في خانة المدافع عن نفسه طيلة الجدل والنقاش والتناقد بينهما وبين السلفي الذي يلج المناظرة ليوجه التهم وهما يستقبلانها ويجتهدان للتفنيد دون أن يوجها له نقداً ذا صلة بالإسلام وأصوله فأبديا ضعفاً دخل في تشكيل مصطلحهما التصنيفي فكانت له الظلال السالبة وخسرا معركة المصطلح وانتهت إلى صعوبة عزل (الخرافي) عن(الصوفي) و(الشيعي) عن (البدعي) و(الليبرالي) عن (العلماني) في حين أن وصف السلفي ب(الوهابي) ليس تهمة ,بل مدعاة للمفاخرة لأن حرب المصطلحات بدأت بشروط ومرت بها وانتهت إلى هذه النتائج المتوقعة والطبيعية ,ولأن السلفي بقي في خانة المهاجم دون أن يمنح فرصة للآخر فانفرد بإدارة حرب المصطلح وكسبها باحتكاره جاذبية تصنيف(السلفي) وسحره. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق