21-10-1434 09:51
محمد بن عيسى الكنعان* : قبل سنوات كنت أكتب في موقع إلكتروني فكري يحمل اسم (جسد الثقافة)، وكان يضم في قائمة محتوياته المتنوعة (منتديات حوارية)، واذكر أن إحدى المثقفات السعوديات المشاركات في ذلك الموقع تحت اسم مستعار قد أصيبت بحالة هستيرية في ردودها المتشنجة عندما دخلت في نقاش مع بعض الأعضاء حول الأسلوب التربوي في معالجة السلوكيات الأخلاقية السلبية أو المنحرفة من خلال فكرة (أترضاه لأختك؟)، حيث رفضت تلك المثقفة التي تدعي الليبرالية هذا السؤال المرتكز على ذلك الأسلوب التربوي، كما لقيت تأييداً من بعض أعضاء الموقع لهذا الرفض. في ذاك الوقت كنت أعتقد أن رفض تلك المثقفة يمثل (حالة خاصة) ويعكس عدم فهمها للأسلوب التربوي الفريد النابع من هدي نبوي كريم، ولكن تبين لي مع الأيام وخلال قراءة اطروحات وأفكار أدعياء الليبرالية السعوديين أنها ليست حالة خاصة، إنما عاهة فكرية تكاد يمكن قبول هذا الرأي عن ممارسة الحرية وفق استقلال الفرد كتبرير لحالة أو موقف الليبرالي الغربي بسبب الفصل التام في المسؤوليات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، في مقابل وجود علاقات اجتماعية مفتوحة في الحياة الغربية على مستوى هؤلاء الأفراد مع الآخرين قد تصل إلى العلاقات المحرمة أو السلوكيات المنحرفة، التي تتنافى مع أبسط أبجديات الفطرة السوية. لكن في حال مدعي الليبرالية السعودي فإن هذه العلاقات غير موجودة واقعاً ومرفوضة شرعاً ومستهجنة عقلاً، حتى على مستوى مناقشتها أو تبريرها. وبالتالي فالرباط الاجتماعي قائم بين أفراد الأسرة السعودية على قيم إسلامية محكومة بنصوص شرعية، إلى جانب عادات وتقاليد عربية متوارثة يعرف مدعي الليبرالي قبل غيره أنها شريفة في غايتها ونبيلة في وسيلتها، ولهذا فعبارة (أترضاه لأختك؟) تأتي في لذلك فعبارة (أترضاه لأختك؟) تستفز أدعياء الليبرالية السعوديين كونها تكشف تناقضهم بين المبدأ (الحرية) والتطبيق (الممارسة)، بين ما يريدونه سلوكياً وبين ما يعتقدونه اجتماعياً، بين حريتهم على حساب غيرهم وبين حرية غيرهم في حياتهم، بين رغباتهم الحيوانية الكامنة في نفوسهم القلقة وبين معتقداتهم الاجتماعية الداعية إلى عدم المس بالمحارم وفقاً لاعتبارات دينية أو عادات وتقاليد اجتماعية. وربما هذا يفسر وجود كثيرين من أدعياء الليبرالية السعوديين الذين يؤيدون أفكاراً ويدعون إلى تطبيقها في الفضاء الاجتماعي العام مثل الاختلاط في العمل، أو كشف وجه المرأة، أو قيادتها للسيارة، أو ابتعاثها للدراسة خارج المملكة بلا محرم، بينما هذه الأفكار تعتبر من المحرمات، أو على الأقل من الممنوعات عندما تتعلق بأقرب الناس لهم أو تمس جانباً من حياتهم. moh.alkanaan555@gmail.com * أو تويتر : @moh_alkanaan |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق