لِمَ هذه الحرب الشَّرِسَة على النِّقاب والبرقع وكل ما يستر المرأة؟
هل هو دفاع عن حرية المرأة؟ أم هو دفع بالمرأة نحو الحرية المزعومة؟
لقد تعلَّمنا الديمقراطية في هذا العصر - ورغمًا عن أنوفنا - من العالم الغربي، العالم المتحضِّر، مع أنَّ لدينا - معاشرَ المسلمين - حريَّة فاضِلَة نتمتَّع بها وَفْقَ حُدود شرعيَّة، خَطَّها لنا شرعنا المُحكَم من سابع سماء.
وأمَّا في الحكم فلدينا شُورَى فَرِيدة من نوعها، عاشَ المسلمون في كنَفِها قُرُونًا، قادَتْهم نحو التنمِيَة والتطوُّر حتى أثمرت أعظم حضارة عرَفَها التاريخ.
ولكن كل هذا تجاهلناه أو ربما جَهِلناه، ومن هنا جاء الانبِهار الكبير بحضارة الغرب وبالحرية المتميِّزة لديهم، وهذه الحرية وإن كانت حرية سافرة تَسمَح بالتعرِّي، ليس على الشواطئ البحريَّة فوق الرمال الذهبية وحسب، بل يَتَعدَّى الأمر إلى إنشاء أندِيَة للتعرِّي وبيوت للزنا، وكل ذلك تحت غِطاء القانون الذي تدفع به الحرية المطلقة.
ولِمَن يُرِيد العَفاف لا يُمنَع منه ولا يُحجَب عنه، فباب الحريَّة للجميع وجميع طرقه مفتوحة.
وعند هذا السقف الكبير من الحريَّة فتح العرب والمسلمون أفواههم دهشةً وتعجُّبًا وإعجابًا؛ فاتَّجَهوا زرافاتٍ ووُحدانًا نحو هذا المجتمع الحر ليعيشوا في كنَفِه، وليتمتَّعوا بحريته، ولأنَّ مجتمعاتهم قتَلَها التخلُّف بسكِّين الجهل، كما قد ذبحتها الديكتاتورية بسيف الظلم.
وبعد كلِّ هذه الثورة الهائلة من الحريَّة التي طالما سبَّحنا بحمدها وصفقنا لمِشْيتها، يستَيقِظ العالم الإسلامي على صفعة مدوِّية، يصفع بها الحجاب في مَكمَن الحريَّة وعرينها.
فها هي أختٌ لنا مسلمة عربية، تُذبَح في محكمة ألمانية على يد علج ألماني، ولماذا؟ إنها ترتَدِي الحجاب!
وها هي فرنسا راعية الحرية تَفقَأُ عين الحرية ليصوت برلمانها الديمقراطي على منْع النِّقاب، والذي اختارَتْه المرأة بملك أمرها؛ دِرْعًا لجوهرها، وصَوْنًا لكرامتها، وقُرْبَة إلى ربها، فهل ماتَت الحرية في أوروبا، ونحن نرى دُوَلَها تَتَسابَق إلى وَأْدِ الحريَّة، وكل هذا باسم الحرية، وتحت غطاء الديمقراطية؟!
هل هي حرية كما يزعمون؟ أم أنها حرب جديدة على حرية العفاف؛ لأنها حرية الإسلام الذي غزا بيوت أوروبا بكماله وعفافه وطهارته؟!
فلنعتَرِف جميعًا أن للإسلام حريَّة تجاه المرأة مُقَيَّدة بالعفاف والطهارة، وكذلك للغرب حريَّته المقيَّدة ببيع المرأة سلعة مُؤجَّرة، ولن يهدأ لهم بالٌ حتى يُسقِطوا النِّقاب، ثم الحجاب، ثم ما تبقَّى من الستر قطعة قطعة، حتى نكون وإياهم سواء!
ولكن يأبى الله إلاَّ أنْ يُعِزَّ أولياءَه ويُذِلَّ أعداءَه؛ فمَن سار في ركبهم فقد سار بذُلٍّ من ربِّه، ومَن سار على هُدَى ربِّه فقد أزلف نحو العزَّة والكرامة، فلنعتزَّ بديننا وبعاداتنا، ولنحافظ على ثوابتنا.
فالغايَة هي رضا الله وليس إرضاء الغرب، فهم يُصَوِّتون على النَّزْعِ، ونحن نصوِّت على السَّتر، والسؤال الذي يطرَح نفسه بعد قتل الحريَّة في الغرب: هل سنظلُّ نسمع ترنيمات المسبِّحين بتلك الحريَّة الزائفة؟ أم أنهم سيَلبَسون النِّقاب ليُخفُوا خجَلَهم وسوءة وجوههم؛ ممَّا حصل من أسيادهم ومثلهم الأعلى؟!
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/21683/#ixzz2w1D7aaWT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق