فضح دعاة الحرية
ملخص الخطبة:
1- نعمة الهداية للإسلام.
2- من محاسن شريعة الإسلام وخصائصها.
3- التحذير من دعاة الحرية وكشف مقاصدهم.
4- حفظ الإسلام للضرورات الخمس.
5- كذب دعاة الحرية وتناقضهم.
6- الأحزاب الضالة سلاح أعداء الإسلام.
7- دعوة للرجوع إلى الدين.
ـــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــ
الخطبة الأولى
أما بعد: فيأيّها النّاس، اتّقوا الله - تعالى - حقَّ التّقوى.
عبادَ الله، يقول ربّنا - جلّ وعلا - وهو أصدق القائلين: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68].
أيّها المسلم، إذِ اختارَك الله للإسلام وهداك للإسلام؛ فاحمَد اللهَ على هذه النعمة، فإنّها النعمَة العظمى، والمنّة الكبرى.
أيّها المسلمون، أتدرون ماذا قال ربُّنا لنبيّنا - صلى الله عليه وسلم - لما تفضّل عليه بهذه الشريعة الكاملةِ التامة، الشاملة لخيري الدنيا والآخرة؟! قال له: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18 - 19].
أجَل أمّةَ الإسلام، هذا امتنانٌ على نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وتذكير له بحقِّ هذه الشريعة أن يلزمَها علمًا وعملاً، وأن لا يُصغيَ إلى أهواء الضالين والمغرضين أعداءِ الشريعة قديمًا وحديثًا، وهو خطابٌ له ولأمّته جميعًا؛ إذْ هداهم لهذا الدين أن يقبلوه عِلمًا وعملاً، وأن يعضّوا عليه بالنواجذ، وأن يحمَدوا الله على أن هداهم للإسلام {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]، فالحمد لله على نعمةِ الإسلام.
أمّةَ الإسلام، شريعةُ الإسلام بيَّنتْ لنا أن المنفردَ بالخلق والرزق والإحياء والإماتةِ بلا شريك هو المستحقُّ لأن تُصرَف العبادة له وحدَه دون ما سواه، فلا يستحقُّ العبادةَ مخلوقٌ مهما كان؛ نبيٌّ مقرَّبٌ ... ملَك مرسَل.
شريعةُ الإسلام بيّنت لنا أن المتصرِّف في كلّ الأحوال على أكمَل الوجوه هو الذي يجِب أن يُطاع فلا يعصَى، وأن يذكَر فلا ينسَى، وأن يُشكَر فلا يكفَر.
شريعةُ الإسلام بيَّنت لنا أن ربَّنا وخالقَنا بعث محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق، وجعل كلامَه وفِعله وتقريره وحْيًا أوحاه إليه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4].
شريعةُ الإسلام بيَّنت لنا أنَّ الحُكمَ والتَّحاكُم بين أمَّة الإسلام إنَّما هو لشريعة الإسلام العادِلة، المُصلحةِ الصالِحة لكلّ أمّة وجيلٍ منَ النَّاس {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10].
شريعةُ الإسلام - أيّها الإخوة - بيَّنت لنا أنَّ مَنْ تمسَّك بهذه الشريعة وعمل بها بإخلاص ويقينٍ؛ فله جزاءُ الحسنى في الدنيا والآخرة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
شريعةٌ نسخ الله بها كلَّ الشرائع، وجمع فيها خيرَ ما مضى من الشرائع {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 48].
شريعةُ الإسلام بيَّنت لنا فضلَ المؤمن، وأنَّ المؤمنَ أطهرُ وأنقى وأصدَق وأزكى مَن على وجهِ الأرض بهذا الدّين الذي مَنَّ اللَّهُ بِهِ عليه {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9 - 10].
شريعةُ الإسلام شريعةٌ شامِلة في العبادات والمعاملات والأخلاق، شريعةُ السّماحة واليُسر، شريعةُ العدلِ والإنصاف وإيتاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه.
شريعةٌ رفَع الله بِها الآصارَ والأغلال عنّا، تِلكم الآصار والأغلالُ التي [كانت] على مَن قَبْلَنا، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
شريعةٌ كَمُلت في كلِّ أحوالها، فمَن منَّ الله عليه بِها فليعلمْ أنها النعمة العظمى من ربِّ العالمين، فالحمدُ لله ربِّ العالمين على كلّ حال.
أمّة الإسلام، يتفوَّهُ بعضُ قاصري العلمِ والمعرفة - إمّا أحيانًا من بعض أبناء المسلمين، وقد يكون مِن أعداء المسلمين - بدعوةِ الأمّة الإسلامية إلى الحرّيّة المدنيّة فيما يزعمون، ماذا يريد هؤلاء من هذه الحرّيّة المدنيّة؟ ماذا يقصدون ويهدفون مِنها؟ كلمةٌ لها احتمالات لدى أولئك، يقولون: ننادي بحرّيّةٍ في الفِكر والرّأي والدِّين، يتكلّم الإنسانُ بِما شاء متى شاء وإذا شاء، بلا وازِعٍ إيمانيٍّ ولا رادِع سلطانيّ، يقولون: كلٌّ يعبِّر عن رأيِه، وكلٌّ يُخبر عمّا في نفسِه، سواء كان ذلك موافِقًا لشرع الله، أو كان مناقِضًا لملّة الإسلام، أو كانَ هذا الرّأي رأيَ ملحِدٍ وزنديق لا يؤمن بالله واليوم الآخر، هكذا يزعُم دعاةُ الحرّيّة، ويأبَى الله على المسلمين ذلك.
فالمؤمِنون آمَنُوا بِاللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا رسولاً، رفعَنا الله بالإسلام، وأكرمَنا بالإسلام، فماذا بعدَ الحقِّ إلا الضّلال فأنّى يؤفكون؟ {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83]، فأهلُ الإيمان أهلُ تصديق ورضًا بالله وبشرعِه وانقيادٍ له وحَمل النّفوس على ذلك، ((لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنْهَوُنَّ عنِ المُنْكر، ولتأخذُنَّ على يد الظّالم، ولتأطرنَّه على الحقِّ أطرًا، أو ليوشِكنَّ الله أن يضربَ بعضكم برقابِ بعضٍ، ثمّ يلعنكم كما لعنهم))، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78 - 79].
يقولون: حرِّيةٌ في التّحكيم والقضاء، وأنَّ القولَ لجمهور النّاس وكثرةِ الناس، مهما كانت الكثرة على حقٍّ أم باطل، وذا مناقضٌ لحكم الله، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]، فالحكمُ لله وحدَه، والتّحاكمُ إليه وحده، هكذا المسلمون الذين رضُوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا رسولاً.
يقولون أيضًا: إنَّ المرأةَ لم تُعطَ في الإسلام حرِّيَّتَها، وما هي حرِّيَّتُها لدى أولئك؟! حريتُها أن تتحرَّر من القيودِ الشرعيّة التي أرسلتها الشّريعة إليها، تتحرَّر من عِفَّتها وصيانتِها وحشمتِها وكرامتِها، وتستبدِل الذي هو أدنى بالذي هو خير، تستبدِل الباطلَ بالحقّ، وتعتاض عن الحِشمة والكرامة والصيانة بالسّفور والتبرّج، والخروج عن منهجِ الشريعة التي كفَلت لها في أربعةَ عشرَ قرنًا هذه الفضائلَ والكرامة، وصانَتها وحفِظتها من تلاعبِ الأراذل بها، حفظت المرأةَ، وحفظت الأنسابَ، وحاطَتها بعنايةٍ عظيمة.
أيّها المسلم، هذه الشريعةُ اعتنَت بالضّرورات الخمس، فجاءت لحمايةِ الدّين والمالِ والعِرض والعقل والنّفس، وتوعّدت من تعدّى على حدودِ الله، والمسلمون يلتزمون شرع الله.
أيّها المسلم، نقول لهؤلاء: دعوى الحرّيّة دعوى باطلةٌ، إنّما هي شعار وآلة يتستَّرون من ورائِها، ونحن - المسلمين - على دين الإسلام إن شاء الله ثابِتون، وعلى تحكيمِ شرع الله ماضون. إنَّ هذه الحريةَ أداة يقولونها من غير تعقّل لمعناها، ومنهم من يقولها من بابِ ما في قلبِه من مرضِ النفاقِ والعياذ بالله.
هذه الحرّيّةُ نرى تناقضَ أربابِها، ورموزُها وحملةُ لوائِها هم الذين أذهَبوا حقيقةَ الحرّيّة فيما يتعاملون، فتعاملُهم لا يخضَع لدينٍ ولا لخلُق ولا لعُرف في حربِهم وسلمهم؛ لأنَّ هذه الحرّيّة عندما لا تتَّفق مع مصالحهم فلا اعتبار ولا ميزان لها.
نحن – المسلمين - لا ننخدِع بهذه الآراءِ، فعندنا شرعُ ربّ العالمين، عندنا كتابُ ربّنا وسنّة نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - فيهما الكفاية والخيرُ لمن فهِمهما، واطمأنَّ إليهما، وحكَّمهما وتحاكمَ إليهما. هذه الحرّيّة الزائفةُ هي شعاراتٌ أوّلُ مَنْ جَنَى عليها ونقضَها مَن خطّطوا لها ودَعَوا إليها، والمسلم مؤمن بالله حقًّا، إنَّ اللَّه - جلّ وعلا - أمرنا أن لا يكونَ لنا خِيَرة في أمره وأمرِ رسوله؛ بل أمرُ الله وأمر رسوله نلبّي ونسمع ونطيع، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
فاستقيموا على طاعةِ الله، واعمَلوا بشرع الله، ولا تخدعنَّكم الأفكار والآراءُ التي يدلِي بها إمّا عدوٌّ للإسلام، وإمّا جاهل به وبحقيقتِه، يقول ما يقوله الآخرون من غيرِ رويّةٍ وتعقّل في ذلك.
أسأل الله أن يثبّتنا جميعًا على الإسلام، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن نلقى الله ونحن على هذا الدين، غير مبدّلين ولا مغيّرين، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسوله، صلَّى اللَّهُ عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيّأيها النّاس، اتَّقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.
عباد الله، دينُ الإسلام عِصمةٌ لأهله، وحامٍ لهم من كلّ سوء، متى تمسّك المسلمون بالدين فلهم العزّة والكرامة، {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].
أمّة الإسلام، إنّما أصاب المسلمين ما أصابهم بأسبابِ تفريطِهم في دينِهم، بأسبابِ عَزْلهم دينَهم عن الحياة كلِّها. لقد نشأ في المسلمين أحزابٌ ضالّة وطوائفُ فاسدة، كلّها تحمِل شعاراتٍ تعادي الإسلام وأهلَه، استخدمهم أعداءُ الإسلام، وبذلوا كلَّ الجهود في تركيزهم، فلمَّا قضوا أغراضَهم، ودمَّروا وأفسدوا، ونالوا من الأمّة ما نالوا، وأُضعِف كيانُ الأمّة، وقلَّ تحمُّلها تسلَّط الأعداء علينا من كلِّ جانب.
إنَّ هذا التسلّط نتيجة لأولئك الذين انْخدَعوا بأعداء الإسلام، وصاروا مِطواعًا لهم في كلِّ الأحوالِ، يدبِّرونهم كيف يشاؤون، ويوجِّهونهم كيف يريدون، حتى إذا قضَوا مصالحَهم منهم تخلّوا عنهم، وكأنَّهم ما يعرفونهم؛ إذ الأعداء ليس لهم صداقةٌ دائمة، ولكنَّها المصالحُ الدّائمة على حسَب مصالحِهم وحسَب ما يستفيدون، إلا أنَّ الأمَّةَ إنِ انتبهت لأمرِها، وعادت إلى رشدها، ووحَّدت صفَّها، وجنَّبت أمَّتها هذه المبادئ والشعارات، عندما رَفَع بعض المسلمين الشعاراتِ الماركسيّة والاشتراكيّة، وأتَوْا بِها ليجعلوها عِوَضًا عن شريعةِ الإسلام، فأفسدوا العبادَ والبلاد، حلَّ بالمسلمين العقوباتُ، ذلك تقدير العزيز العليم، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53].
فالمسلمون لا ولن يكونَ لهم نصرٌ وتأييد ولا قوّة ولا منعةٌ إلا إذا عادوا إلى ربّهم، عادوا إلى شرعِ ربِّهم، فقاموا بالواجب حقَّ قيام، وحكَّموا شريعةَ الإسلام عِلمًا وعملاً، واجتمعت على ذلك القلوب، فإنَّ القلوب لا يجمعها إلا الدّين، لا يجمعها إلا دين الله الذي جمع الله به قلوبَ من مضى، ولا يزال هذا الدّين قويًّا عزيزًا متى ما وجد الأنصارَ والأعوان، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 40 - 41].
واعلموا - رحمكم الله - أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
وصلوا - رحمكم الله - على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربّكم، قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللهم صلّ وسلّم وبارك على عبد الله ورسوله محمّد، وارضَ اللهمّ عن الخلفاء الراشدين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/1717/#ixzz2w1I3o5aM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق