الجمعة، 6 يونيو 2014

الفرق بين الليبرالية والعلمانية

الفرق بين الليبرالية والعلمانية :
أما عن هذا الفرق : فالعلمانية هي فصل الدين عن الدولة !وهي بذلك أعم من الليبرالية التي هي الحرية المطلقة في شتى مجالات الحياة :الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ...بحيث لا يخضع لغير سلطة القانون .
فكل ليبرالية علمانية وليست كل علمانية ليبرالية , لكن كلاهما يشترك في إقصاء الدين وتنحيته عن الدور القيادي في الحياة !!
الأنظمة العلمانية ليست بالضرورة أنظمة ليبرالية أو ديمقراطية , فالاتحاد السوفيتي السابق كان نظاما علمانيا قائما على مبدأ الفصل بين الدين والسياسة , ولكنه ليس نظاما ليبراليا ديمقراطيا , بل كان نظاما استبداديا ظالما يحكم الشعب بالحديد والنار علاوة على إقصائه للدين عن جوانب الحياة .
وفي موقعهم على الشبكة , تحت سؤال :
هل الليبرالي علماني؟
أجابت الجماعة الليبرالية الكويتية :نعم! كل الليبراليين علمانيون ولا يلزم من كل علماني أن يكون ليبراليا .
قلت : وهذا لأن النظام السياسي – تحت مظلة الليبرالية – لا يمكن أن يقوم إلا عن طريق فصل الدين عن الدولة وعلى أساس التعددية الفكرية (الأيدلوجية) والتنظيمية 000 وهو مالا يقبله الإسلام البتة, بل ويصرحون في أصول كتبهم بذلك فيقول أحدهم : ومن هنا تؤكد الليبرالية أنها مفهوم بشري مدني بعيد عن المطلقات سواء باسم الدين أو العلم أو التاريخ فكل شيء في ظلها قابل للحوار .... ويطلق البعض على هذه الصفة اصطلاح العلمانية فالليبرالية علمانية في جوهرها .أقول :فالليبرالية تعتبر الدين حجر عثرة في طريقها لذلك اتخذت منه هذا الموقف الإقصائي حتى لا يشكل عائقا بالنسبة لها !
وتأكيدا على ذلك تجدهم يطرحون سؤالا في ذات الموقع ويجيبون عليه :
ما موقفكم من تطبيق "الشريعة الإسلامية" ؟
فأجابوا وبكل صراحة : ) الجماعات الدينية حاولت لوقت طويل نشر وهم “الشريعة الإسلامية”. الحقيقة هي انه لا توجد هناك أية شريعة إسلامية , بل الموجود هو شرائع إسلامية , فهناك الشريعة السلفية والشريعة الشيعية والشريعة الإخوانية والصوفية والوهابية ... الخ. وقد اثبت التاريخ إن جميع الدول الدينية في التاريخ الإنساني هي دول دكتاتورية قمعية للأقليات بطبيعتها. لا يوجد أي نموذج لشريعة إسلامية حتى الآن يتوافق مع حقوق الإنسان الأساسية , بل إن البعض يدعوا إلى إباحة الرق في "دولة الإسلام" والى انتهاك حقوق البحث والرأي والتجمع والعقيدة التي يكفلها لنا الفكر الليبرالي الآن.
فلكل "شريعة إسلامية" سلفية كانت أم طالبانية ما يمنع تطبيقها على أي مجتمع مدني. التطبيق الوحيد والكامل للشريعة الإسلامية في التاريخ الحديث حدث في أفغانستان على النمط الطالباني , ومعه جر نظام طالبان شعب أفغانستان إلى الحرب والفقر والجوع والإرهاب والقمع والخوف تحت ظل الإسلام. فمن واجبنا التعلم من دروس التاريخ هذه والتي تتكرر تحت أقنعة أخرى بعد اندثار وتشتت نظام طالبان.
ولهذا , فإن الطريق لمجتمع مبني على العدل والمساواة والحرية يبدأ بتطبيق الديمقراطية والليبرالية الحرة. فالدعوات إلى "الشريعة" الكبرى ما هي إلا أوهام مخلوقة من قبل الجماعات الأصولية لبسط نفوذهم على المجتمع المدني (انتهى من كلامهم في موقع : الليبراليون الكويتيون).
والمتأمل في كلامهم السابق : يجد أنهم لا يفرقون بين الشريعة والمنهج ! وهذا عدم تأمل لقوله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) فالشريعة : الأحكام : مثل الأحكام التكليفية (الحلال والحرام ...) ومثل الحدود والتعزيرات ومثل علوم الشرع المطهر ... أما المنهج : فهو المسلك والطريق والسبيل والوسائل التي يتمكن عن طريقها تطبيق الشريعة الإسلامية , فما ذكروا من مناهج كلهم لا يختلف حول وجوب تطبيق الشريعة , وإقامة الحدود وطاعة الله عز وجل لكنهم يختلفون في الوسائل الموصلة لذلك فهناك من يرى أن العلم والدعوة هو الموصل لإقامة شرع الله عز وجل , وهناك من يرى طرقا أخرى مستوردة : كالاعتصامات والمظاهرات وآخرون قد يرون التغيير بالقوة , وفريق ثالث يرى البقاء في الزوايا والتكايا والمساجد والعبادة والدعاء حتى يأتي التغيير من عنده تعالى ... وهكذا , وبين الأمرين بون شاسع ,
ثم يقال لهؤلاء : أنتم عندكم عدم انضباط في الحريات فهي ليست حرية واحدة :
فعندكم الحرية الجمهورية Repaublican Liberality وعندكم الحرية المثالية Idealist Liberality
وعندكم الحرية الفردية الخاصة Individualism Liberality فلماذا تقعون فيما نسبتموه لغيركم ؟؟ .
وإنك لتعجب حقا حين تسمع تلك الأبواق الإعلامية التي تمجد لليبرالية بوصفها قدرنا المحتوم – على حد قولهم بلسان الحال أو بلسان المقال –وتتباكى عليها وتقول بعد كل ما سبق من اعترافاتهم تجاه الدين إن : "مصطلح العلمانية قد اكتسب سمعة سيئة في العديد من الأوساط العربية والإسلامية حيث أنه فهم أحيانا باعتباره مفهوما يعارض الدين وأحيانا أخرى باعتباره مفهوما غربيا لا شأن لنا به والأمر في الحالين تحريف وتشويه لمعنى العلمانية ومن باب أولى الليبرالية" .
قلت : وكيف لا يكتسب سمعة سيئة عند المسلمين : وهم يصفون جميع دول الإسلام وعلى مر التاريخ بأنها دول : (ديكتاتورية قمعية ) ابتداء من الدولة الأولى التي أقامها سيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه مرورا بأبي بكر وعمر وحتى عصرنا هذا دون استثناء ! وأن أحدا لم يطبق الشريعة غير نظام طالبان !!
ولعمر الله تعالى قد فعل هؤلاء أشد من فعل الدينماركيين :فأولئك رسموا الكفر , أما هؤلاء فقد راموا هدم الدين من أصله !
فأحكام الله كالحدود والقصاص وما يتعلق بتنظيم المعاملات والبيوع عندهم جائرة لا تصلح للتطبيق في زماننا – زمان المعلوماتية وثورة التقنية !!- بل هي ضرب بزعمهم من ضروب تقييد الحرية وبالتالي تحول من تقدم المجتمع الذي لا يتقدم إلا بتنفيذ الفرد ما يمليه عليه هواه !!
وأقبح من هذا : مقولة بعضهم : بعيدا عن المطلقات !! يعني باختصار لا يعترفون بقوله تعالى : (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )
فالله علق وصف الإيمان : على القبول لهذه المطلقات التي لا ترضيهم !!
وبالتالي : نصوت هل نضع الخمر على متن الخطوط الجوية مثلا , ونترك الخيار للبرلمان : هل يقره أم لا !!
مثل القطيع ينساق نحو الأكثر !!

فشل وانهزامية !
ولقد تعجبت غاية العجب أثناء بحثي في هذا الموضوع إذ وقفت على كتاب ليورغين هابرماس:مستقبل لطبيعة الإنسانية نحو نسالة ليبرالية !!!
والذي يدعو فيه إلى استخدام الهندسة الوراثية والعبث في تقنية المورثات ( الجينات ) بحيث تتقبل الأجيال القادمة فكرة الحريين أو فكرة اللبرلة كمنهج دولي أممي !!
وهذا يدل على أمور منها :
1. سقوط الليبرالية في فخ الحرية المزعومة , فإنهم إذا كانوا يريدون تطبيق الحرية التي ينعقون بها صباحهم ومسائهم : فما بالهم يصادرون حريات الأجيال القادمة في حقها المكتسب في تقرير المصير؟؟
أليس هذا تناقضا عجيبا ؟؟
2. كذلك : هذا يدل على شعور نفسي عميق بأن الأمم الحالية فضلا عن الأمم القادمة لن تقبل بالعيش في ظل هذا المنهج المعوج لأنهم وإن نمقوه – وهذا شأن كل من يريد أن يقنعك بباطله فلا بد وأن يضع عليه شيء من الحق تمويها – وهذا إنما استقوه من رؤيتهم خلال التاريخ فكلما رفعت رأسها أطفئت : "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره " فهذا يشعرهم بالإحباط ومحاولة التعلق بمستقبل الأجيال القادمة والتعويل عليه !!!
وهنا لا أجدني إلا مستشهدا بقول أحدهم ويدعى ونستن تشرشل إذ يقول :
هي أسوأ نظام , ولكنها: أفضل أسوأ الأنظمة المتاحة !!
__________________
alghamri1@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق