قواعد المنهج السلفي في الفكر الإسلامي
نحن حريصون عندما نتكلم عن العقيدة أن نؤكد أننا في حاجة - عند دراستها إلى البناء الصحيح للفرد المسلم والمجتمعات الإسلامية، إذ لاتنقصنا السواعد والعقول كما يقول مالك بن نبي رحمه الله، ولكننا في حاجة إلى حشدها وتجميعها وفق خطط وعلمية.
ولا نحكم هذا الحكم من فراغ ولكن بعد تجارب مريرة أورثتنا الهزائم تلو الهزائم، وهزت ثقتنا بأنفسنا،وجعلتنا نفقد الإحساس بكياننا وسط عالم لا يحترم إلا القوة، ولا يسمع إلا لصوت الصاروخ والمدفع، ونعني بذلك القوة بمدلوليها المعنوي والمادي، فإن الاعتزاز بالعقيدة والثقة بالنفس والحرص على المحافظة على العزة والكرامة قوة، والإنتاج الصناعي والزراعي والعسكري قوة، وهما يسيران جنبًا إلى جنب، فإن الخلل في إحداهما يؤدي إلى الخلل في الآخر.
ولعل أحد مشكلاتنا الرئيسية البحث عن (الهوية) بين أيديولوجيات العصر منقومية وعلمانية ووطنية ومذاهب فلسفية واقتصادية، فإن أردنا الرؤية الصحيحة، فعلينا متابعة الدور الحضاري الذي قامت به أمتنا عندما كانت رائدة الأمم، حيث قامت الحضارة الإسلامية على ركنين.
أحدهما:
قوة الإيمان وصدق اليقين ورسوخ العقيدة الدينية، مع الفهم الصحيح للإسلام كمنهج للحياة الإيجابية المثمرة.
الثاني:
العناية الفائقة بالعلوم والمعارف بنفس القدر من الاهتمام سواء العلوم الدينيةأو غيرها من علوم الكون والطيعة والرياضة وغيرها استجابة لدين كانت أول أوامره (اقرأ).
والحديث عن والآراء الكلامية والفرقة قد حفز أحد القراء فجاءني متسائلا بتعجب: أليس من الأوفق الإعراض عنها والاهتمام بما هو أولى؟
وكان السؤال في موضعه، وأيقظ في نفسي انفعالات كانت هامدة لإبراء الذمةأمام الله تعالى ثم أمام المسلمين، اعترف كما قلت بان رأي القارئ في موضعه وأقره عليه، ولكن ما الحيلة إزاء مقررات جامعية فرضت علينا الانشغال بمثل هذه القضايا؟
إن إبراء الذمة إذن يقتضي أن أصرح بأننى عندما عرضت لعقائد الفرق فقد اضطررت إليه اضطرارا، اضطرني إليه دراسة وتدريس (علم الكلام) وفق مناهج الجامعة، وربما كان من ناحية أخرى فاتحة فعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، إذ عالجتها بمنهج نقدي من وجهة نظر علماء أهل السنة[1]، فإذا تقيدت بأسماء تلك الفرق فلمجرد الالتزام بالأمانة العلمية.
أما جوانب الخير أو الفوائد العائدة من دراسة العقيدة بهذا المنهج فأولها الاطمئنان التام لسلامة موقف علماء السنة، مع التوصية بالالتزام هذا الموقف إزاء أية بوادر للانحراف أو الخروج عن عقيدة الأوائل.
وإذا لاحظ القارئ أن هذه الفرق قد انقضت بانقضاء المراحل التاريخية التي ظهرت فيها، فإن ملاحظته صحيحة، ولكن فاته أن بعض عقائدها ظلت متوارثة في عقول البعض، ومن هنا تأتي الفائدة الثانية، أي: التحذير من الانزلاق إلى بعض أو كل بدع الفرق المنحرفة عن الجادة.
[1] ينظر كتابينا: منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين. والسلفية بين العقيدة الإسلامية والفلسفة الغربية، ط دار الدعوة بالإسكندرية.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Web/mostafa-helmy/0/39614/#ixzz2w8209JjO
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق